تفريغ مقطع : احْذَرْ مِنَ الفَارِغِين البَطَّالِين

((احْذَرْ مِنَ الفَارِغِين البَطَّالِين))

((من خطبة: تضييع الأوقات في رمضان))

 ((3 من رمضان عام 1431 هـ الموافق 13-08-2010))

وكانَ مِن سَلَفِنا الصَّالِحينَ من أَهلِ العِلمِ الرَّاسِخِينَ مَن إِذا اشتغل بِبَرْيِ قَلمٍ؛ تَمتَمتْ شفَتاهُ بذِكرِ الله، فلَا يُضيِّعُ الوقتَ بينَ انقطَاعِهِ عنِ الكتابةِ والتحرِير وبَريِ قلَمِه استعدادًا لكتابةٍ جَدِيدة، كانُوا كَذلِك يصْنَعُون، بلْ كانَ منهُم من يُعِدُّ للبَطَّالين الَّذين يزعُمُون أنَّهم يزُورُون إِخوانَهُم فِي الله محبةً فِيه، وَهُم إنَّما يقْطَعُون أَوقاتَ الفراغِ عن حقيقةَِ ما ينْبغِي أنْ تكونَ فِيه.

هُم مِنَ البطَّالِين الفارِغِين، يزُورُ الوَاحِدُ منهُم أخاه ليُضَيِّعَ عليهِ رأْسَ المالِ فِي الحياةِ مِن غيرِ مَا فائِدةٍ وَلاَ عائِدة بل يُوَرِّطَهُ فِي كَذِبٍ وَغيبةٍ وتَقْطِيعٍ لأَرْحامٍ ومَا أَشْبَه.

وكُن مِن النَّاسِ على حَذَر، وكُن من أَهلِ زمانِكَ خاصةً على حَذَر، احذرْهُم وَلا تُخَوِّنهُم، ولكنْ كُنْ مِنهُم علَى حَذَر فَقَلَّ مَن يُريدُ لكَ الخيْر ويحْرِص عليك ويرجُو لكَ النَّفْع ويُقدِّمُه لك، اتَّقِهِم مَا شِئتَ وما استَطَعت ولا تُضَيِّع حُقُوقَهُم علَيْك، علِّمهُم إنْ كنت عالِما، وادعُهُم إنْ كنت داعِيًا، وأعطِهِم إنْ كنت واجِدًا، وانصَحْهَم إنْ كنتَ بالمعروفِ آمِرَا، وازجُرْهُم عنِ الباطلِ إنْ كنتَ عنِ المنْكَرِ نَاهِيا، وقدِّم لهُم الخيرَ ما استَطَعت، وكُن مِنهُم على حَذَر، كن مِن أهلِ زمَانِك على حَذَر؛ فأَكثرُهُم مِنَ البطَّالِين.

كانَ بعضُ سَلَفِنا مِن عُلمَائِنا -رحمةُ الله عَلَيهِم- يُعِدُّ للبطَّالِين الفَارِغِينَ المُبَدِّدين للأَوقَاتِ إِذا مَا زارَهُ الوَرَقَ لِيُقطِّعَهُ بسِكِّينِ الورق والأقلامَ لِيبرِيَها لَه والمِدادَ ليُعِدَّهُ لَه؛ فَيُشَغِّلُهُ في آلَةِ العِلْم، وهي تَسْتغرِقُ مِن زمَانِهِ زَمَانًا؛ فيكونُ قد رَبِحَ زمانَهُ وزمانَ زائِرِه، حتَّى لَاَ يتَبَدَّدَ في غيرِ طائلٍ، وحتَّى لَا يعُودَ عليهِ بالخُسران -خُسرانِ المآلِ والحَال-.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  • شارك