تفريغ مقطع : لماذا أنت هكذا كالجبار في الأرض؟

لماذا أنت هكذا كالجبار في الأرض؟

كَم كانَ معَنا مِن عامٍ خَلَى مِن أقوامٍ بينَنَا وبينَهُم مِن المَحبة والوُدِّ والسيرِ في طريقِ الآخِرة؟!

كَم كانَ معَنا مِنهُم ثم ذَهبوا ولن يعُودوا؟!

فيذهبُ المرءُ للقاءِ ربِّه, وهذا الأمرُ جَعلَهُ الله غيبًا مُغيبًا؛ لأن الأجل لا يَعلمُ انتهاءَه وانقِضاءَه إلا الله, والانسانُ قد يكونُ في آخرِ عُمرِه وهوَ يَحسَبُ أنَّ أمامَه عُمرًا طويلَا مديدًا!!

ومَا أَهْلَكَ الناسَ شَيءٌ كالتسويفِ والأَمَلِ, بل على الإنسانِ أن يَعمَل كأنَّهُ سيَموتُ غدًا, وأنْ يَجتهِدَ في إرضاءِ الله ربِّ العالمين... لَا تُسَوِّف... لِمَ لَا تَتوبُ الآن؟!

وَمَن أدرَاكَ أنَّك تَعِيشُ بعدَ الآن ولو لَحظَة؟

لِمَ لَا تَتَوبُ إلى اللهِ ربِّ العَالمينَ الآن؟!

فَعَلَى المرءِ أن يتوبَ إلى ربِّه, والتوبَةُ ليسَت كلِمَة يَقولهَا اللسان, بَلْ قَولُ اللسانِ وَفِعلُ القَلبِ وَالجَوارحِ.

علَى الانسانِ أن يُقلِعَ عن المَعصِية, وأن يَندمَ علَيها, وأنْ يَعزِمَ علَى ألَّا يعودَ إليهَا, وأنْ يكونَ ذلِك كلُّه بإخلاصٍ للهِ ربِّ العَالمين، ثم أنْ يَقعَ ذلك مِنهُ قَبلَ أنْ تَبلُغَ الرُّوحُ الحُلقُوم... قَبلَ أنْ تَطلُعَ الشمسُ مِن مَغرِبِهَا؛ فإذا طَلعَت الشمسُ مِن مَغرِبهَا فهَذا أَوَانُ انقِضِاءِ زَمانِ التوبَةِ بالنسبَةِ لعُمومِ مَن فِي الأرضِ.

وإذا بَلغَت الرُّوحُ الحُلقُوم... فقَد انتَهَى وَقتُ التوبَةِ بالنسبةِ لِمَن بَلغَت رُوحُه الحُلقوم

فَلِمَ تُسَوِّف ؟!

حتَّى إذَا بَلغَت الرُّوحُ الحُلقُوم؛ قُلْتَ لِفُلانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا وَقَد كَانَ لِفُلَان!!

لِمَ لَا تَستَدْرِك وَأنْتَ علَى رَأسِ طَريقِكَ؟! لِمَ لَا تَتوبُ إِلَى ربِّك؟!

وَخاصَّة في حُقوقِ العِبَادِ؛ إذَا كانَ لأَحدٍ عِندَك مَظلِمَة فَأدِّهَا إليهِ اليَّوم... اسْتَرْضِهِ

إنْ كُنتَ قَد ضَرَبتَه ظُلمًا فَمَكِّنهُ مِن ضَربِك...

إنْ كُنتَ قد اغْتَبتَه فَحاوِل أنْ تَستَحِلَّه...

فإنْ لم يَقبَل أنْ يَعفُو عَنكَ -ممَّا وَقعْتَ فيهِ فِي حقِّهِ بلِسَانِكَ- إلَّا بِبَذلِ مَالٍ؛ فابْذُل لَهُ المَال الآن, لأنَّكَ إنْ لَم تَفعَل وَإنْ لَم تَستَحِلَّه؛ فإنَّ الجَزاء يَومَ القِيامَةِ مِن حَسَناتِك أنْتَ!!

وَقَد تَحتَاجُ حَسنَةً واحِدةً تَرجَحُ بهَا حَسَناتُك علَى سَيئاتِك حتَّى تَصِير إلَى الجنَّة!!

لِمَ لَا تَتوبُ الآن؟! لِمَ لَا تُؤدِّي الحُقوقَ إِلَى أَصحَابِهَا؟!!

لِمَ تَظلِم الخَلق؟! لِمَ تَتنَاوَلُ الأعْرَاض؟!!

لِمَ تَقَعُ علَى الناسِ في أَبشَارِهِم؟! فِي أجسَادِهِم!! فِي أَموالهِم!! فِي أعْراضِهِم!!

لِمَ لَا تَخزِنُ لِسانَك؟!

لِمَ لَا تَتَّقِ اللهَ ربَّك؟! لِمَاذَا لَا تَتوب؟!

لِمَاذا أنْتَ هَكَذَا كَالجَبَّارِ فِي الأَرضِ؟!

مَعَ أنَّ المَرضَ لَو تَمكَّنَ مِنكَ لَأقْعَدَك... لَشَلَّك... لَجَعَلَكَ لَاطِئًا فِي الأرضِ وَحَبَسَكَ ربُّك فِي جِلدِك.

اتَّقِ اللهَ ربَّ العَالمينَ وَتُب إِليهِ, وَأَخلِص فِي التوبَةِ للهِ ربِّ العَالمين.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  • شارك