تفريغ مقطع : خوارجُ العصرِ وهدمُ المساجدِ

((خَوَارِجُ الْعَصْرِ وَهَدْمُ الْمَسَاجِدِ))

 

وَغَلَا خَوَارِجُ عَصْرِنَا عَنْ أَسْلَافِهِمْ أَنَّهُمْ تَجَاوَزُوا هِجْرَانَهَا -أَيْ:الْمَسَاجِدَ- إِلَى الْأَمْرِ بِهَدْمِهَا:

قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: ((وَمِمَّا تَدْخُلُ فِي مَعْنَى مَسْجِدِ الضِّرَارِ وَيَنْطَبِقُ عَلَيْهَا الْوَصْفُ الشَّرْعِيُّ؛ تِلْكَ الْمَسَاجِدُ الَّتِي بَنَاهَا الطَّوَاغِيتُ، لِتُذْكَرَ فِيهَا أَسْمَاؤُهُمْ، وَتُسَمَّى بِهِمْ، وَهَذِهِ الْمَسَاجِدُ فِيهَا الْكَثِيرُ مِنْ مَعَانِي الضِّرَارِ؛ مِنْهَا: أَنَّهَا بُنِيَتْ رِيَاءً وَسُمْعَةً، وَأَمْوَالُهَا إِنَّمَا بُنِيَتْ مِنْ سَرِقَاتِ هَؤُلَاءِ الطَّوَاغِيتِ وَبَعْضُهَا مِنَ الرِّبَا)).

وَهَذِهِ شَهَادَةُ أَحَدِ مُنَظِّرِيهِمْ يُبَيِّنُ فَدَاحَةَ فَتْوَى أَبِي قَتَادَةَ هَذِهِ، حَيْثُ قَالَ: ((حَكَمُوا عَلَى مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ لِظُنُونٍ وَشُبُهَاتٍ وَاهِيَةٍ ضَعِيفَةٍ، لَا تَرْقَى إِلَى دَرَجَةِ الدَّلِيلِ، حَكَمُوا عَلَى تِلْكَ الْمَسَاجِدِ -مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ- بِأَنَّهَا مَسَاجِدُ ضِرَارٍ، وَأَنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا لَا تَجُوزُ، فَانْعَكَسَ ذَلِكَ سَلْبًا عَلَى أَخْلَاقِ وَسُلُوكِ وَعِبَادَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَتُرِكَتِ الْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَاتُ، وَهُجِرَتِ الْمَسَاجِدُ عَلَى قِبْلَتِهَا فِي بِلَادِ الْغَرْبِ مِنَ الْمُصَلِّينَ، حَتَّى أَصْبَحَ مِنَ الْمَأْلُوفِ عَلَى الْمَسَامِعِ؛ إِنْ سَأَلْتَ أَحَدَهُمْ عَنْ سَبَبِ هِجْرَةِ الْمَسَاجِدِ وَالْجَمَاعَاتِ الْعَامَّةِ رَغْمَ مُجَاوَرَتِهِ لِلْمَسْجِدِ؛ بِأَنْ يَقُولَ لَكَ بِكُلِّ يُسْرٍ: إِنَّهَا مَسَاجِدُ ضِرَارٍ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا!!

وَلَوْ وَقَفَ الْأَمْرُ عَلَى هَجْرِهِ لِلْمَسَاجِدِ بِنَفْسِهِ لَهَانَ الْخَطْبُ، وَلَكِنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِذَلِكَ حَتَّى يُشَنِّعَ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ إِخْوَانِهِ مِمَّنْ لَا يَرَى رَأْيَهُ وَلَا يَذْهَبُ مَذْهَبَهُ فِي مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ، فَيَرْمِيهِ بِالتَّخَاذُلِ وَالتَّهَاوُنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ عِبَارَاتِ التَّجْرِيحِ وَالطَّعْنِ إِلَى أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى هَجْرِ الْمَسَاجِدِ الَّتِي هِيَ فِي ظَنِّهِ مَسَاجِدُ ضِرَارٍ)).

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  • شارك