تَرْبِيَةُ النَّبِيِّ ﷺ الصَّحَابَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- عَلَى الْجُودِ


((تَرْبِيَةُ النَّبِيِّ ﷺ الصَّحَابَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- عَلَى الْجُودِ))

فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُرَبِّي أَصْحَابَهُ عَلَى الْبَذْلِ وَالْجُودِ وَالْكَرَمِ، وَيَحُضُّهُمْ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَعَنْ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-, قَالَ: رَغَّبَ النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّدَقَةِ يَوْمًا، وَقَدْ صَادَفَ ذَلِكَ مَالًا عِنْدِي، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُه يَوْمًا.

قَالَ: فَانْقَلَبْتُ إِلَى أَهْلِي، فَأَتَيْتُ بِشَطْرِ مَالِي -يَعْنِي بِنِصْفِهِ- حَتَّى وَضَعَتُهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ ﷺ.

 فَقَالَ: «مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟».

 قُلْتُ: مِثْلَهُ.

 قَال: ثُمَّ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَوَضَعَ مَا أَتَى بِهِ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ ﷺ.

فَقَالَ: «مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟»

 قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللهَ وَرَسُولَهُ .

فَقَالَ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: لَا جَرَمَ، لَا أُسَابِقُكَ إِلَى شَيْءٍ بَعْدَهَا أَبَدًا .

 فَأَذْعَنَ لَهُ بِالسَّبْقِ، وَصَدَّقَ فِعْلُ أَبِي بَكْرٍ مَا كَانَ فِي نَفْسِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: الْيَوْمَ أَسْبِقُهُ إِنْ كُنْتُ سَابِقَهُ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَسْبِقْهُ.

 وَهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَكْنِزُونَ شَيْئًا مِنَ الْمَالِ، وَلَا يَحْرِصُونَ عَلَيْهِ؛ بَلْ كَانُوا أَجْوَدَ الْخَلْقِ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ بِعَطِيَّةٍ، وَهِبَةٍ، وَصِلَةٍ، وَبِرٍّ .

 وَالرَّسُولُ ﷺ يُعَلِّمُهُمْ، وَيَدْعُوهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَيُرَبِّيهِمْ عَلَيْهِ، حَتَّى إِنَّهُ ﷺ كَانَ جُودُهُ لَا يُبْقِي لَدَيْهِ شَيْئًا مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُقِيتَ ذَا كَبِدٍ رَطْبَةٍ .

عَبْدَ اللهِ! لَا تَبْغِ عَلَى الْإِطْعَامِ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا، وَإِنَّمَا تَقَعُ صدَقَتُكَ فِي يَدِ اللهِ، فَيُرَبِّيهَا لَكَ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، يَعْنِي مُهْرَهُ.

فَمَا يَزَالُ يَرْبُو وَيَرْبُو حَتَّى تَكُونَ التَّمْرَةُ جَبَلًا مِنْ تَمْرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَنَّى هَذَا، وَمَا امْتَلَكْتُ عُشْرَ مِعْشَارِهِ فِي الدُّنْيَا أَبَدًا؟!!

يَقُولُ: «صَدَقَتُكَ فِي يَوْمِ كَذَا، مَا زِلْتُ أُرَبِّيهَا لَكَ» يَعْنِي: أَزِيدُهَا لَكَ بَرَكَةً، وَعَطَاءً، وَبِرًّا، حَتَّى صارَتْ إِلَى مَا تَرَى .

وَقَدْ كَانَ الرَّسُولُ ﷺ يُخْبِرُ النَّاسَ مِنْ أَصْحَابٍ وَمَنْ يَلِي، يُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ مَا مِنْ يَوْمٍ جَدِيدٍ إِلَّا وَاللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَجْعَلُ مَلَكَيْنِ هُنَالِكَ قَائِمَيْنَ، يَقُولُ أَحَدُهُمَا: «اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا» .

 

المصدر:رَمَضَانُ شَهْرُ الْجُودِ وَالْكَرَمِ وَالِانْتِصَارَاتِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  اسْتِيعَابُ السُّنَّةِ الْمُسْتَجَدَّاتِ فِي كُلِّ الْعُصُورِ
  اسْتِقْبَالُ الْعَشْرِ بِالِاجْتِهَادِ فِي أَدَاءِ الْحُقُوقِ وَسَدَادِ الدُّيُونِ
  مَرَاتِبُ النَّاسِ فِي طُولِ الْأَمَلِ وَقِصَرِهِ
  سِيرَةُ النَّبِيِّ ﷺ كَامِلَةٌ شَامِلَةٌ
  تَزْكِيَةُ النَّفْسِ سَبِيلُ الْفَلَاحِ وَالنَّجَاحِ
  وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ الْخَمْرِ
  حُكْمُ الْعَوْدَةِ فِي الْهِبَةِ أَوِ التَّعْيِيرِ بِهَا
  الْعَدْلُ هُوَ أَسَاسُ الْعَلَاقَاتِ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْإِسْلَامِ
  آثَارُ الْمَعِيَّةِ فِي تَحْقِيقِ السَّلَامِ النَّفْسِيِّ
  فَضْلُ الْجِهَادِ وَمَنْزِلَةُ الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-
  نَمَاذِجُ فِي الشَّهَامَةِ وَالْمُرُوءَةِ
  الْعِلْمُ وَالْقُوَّةُ الْعَسْكَرِيَّةُ مِنْ عَوَامِلِ الْقُوَّةِ فِي بِنَاءِ الدُّوَلِ
  ثَمَرَاتُ مُحَاسَبَةِ النَّفْسِ
  الْحَثُّ عَلَى رِعَايَةِ الْأَيْتَامِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ
  الْهِجْرَةُ إِلَى الْحَبَشَةِ أَوَّلُ هِجْرَةٍ فِي الْإِسْلَامِ
  • شارك