«بِدْعَةُ المَوْلِدِ النَّبَوِيِّ» لفضيلةِ الشَّيخ العلَّامة: ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله-.


«بِدْعَةُ المَوْلِدِ النَّبَوِيِّ»

لفضيلةِ الشَّيخ العلَّامة: ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله-.

السؤال:

يَسْتَدِلُّ كثيرٌ مِن النَّاسِ خَاصةً في بعضِ بُلدانِ شمالِ إفريقية على بِدْعَةِ المَوْلِدِ بِقَوْلِ النبيِّ ﷺ: «مَنْ سَنَّ في الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً...الحَدِيث»، فَكَيْفَ يُرَدُّ عَليْهِم؟ 

الـجــواب:

الرَّدُّ عَليْهِم أنْ يُقَالَ لَهُم :

أَوَّلًا: لا بُدَّ أنْ يَعْرِفُوا سَبَبَ ورودِ هذا الحديثِ، وهو أنَّ قَوْمًا مِن مُضَر جَاءُوا إلى النبيِّ ﷺ مُجْتَابِي النِّمَار-يعني: عَليْهِم ثِيَابًا غَليظةً وهي الشَّمَلات التي تَعْرِفُونَهَا شَبَكُوهَا ثُمَّ لَبِسُوهَا هَكَذَا- لِفَقْرِهِم وَشِدَّةِ فَاقَتِهِم، فَلَمَّا رَآهُم النَّبيُّ ﷺ رَقَّ لِحَالِهِم، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ فَأُقِيمَت الصَّلَاةُ، وَصَلَّى ثُمَّ قَامَ خَطِيبًا وَحَثَّ النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ وَقَالَ: «تَصَدَّقَ رَجُلٌ بِدِرْهَمِهِ وَتَصَدَّقَ رَجُلٌ بِدِينَارِهِ وَتَصَدَّقَ رَجُلٌ بِبرِّ شَعِيرِهِ»..الخ.

 

فَتَأَخَّرُوا قَلِيلًا، فَجَاءَ رَجُلٌ مِن الأَنْصَارِ بِكِيسٍ كَبِيرٍ مِن المَالِ، فَتَسَارَعَ النَّاسُ وَتَسَابَقُوا حَتَّى جَمَعُوا كومًا كِبِيرًا مِن الصَّدَقَةِ، فَقَالَ النَّبيُّ ﷺ عِنْدَ ذَلِكَ:

«مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَإِنَّ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَن عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِم شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَليْهِ وِزْرُهَا وَمِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِم شَيْءٌ».

 فالنَّبِيُّ ﷺ حَثَّ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَالصَّدَقَةُ مَشْرُوعَةٌ

هَذَا الرَّجُلُ سَنَّ لَهُم السَّبْقَ في هَذه اللحْظَةِ الحَرِجَةِ, فَأَنْتَ إِذَا سَبَقْتَ إلى عَمَلٍ قَد غَفَلَ عَنْهُ النَّاسُ تَكُونُ قَد سَنَنْتَ لَهُم سُنَّةً حَسَنَةً، أَمَّا أَنْ تَخْتَرِعَ فِي دِينِ اللهِ شَيْئًا لَا يُوجَدُ؛ فَهَذَا هُوَ الضَّلَالُ وَهَذِهِ هِيَ البِدَعُ التي قَالَ فِيهَا النَّبيُّ ﷺ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ»، وَقَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي ذَلِكَ: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى: 21].

لو كانَ هَذَا خَيْرًا لَسَبَقَنَا إليْهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَالصَّحَابَةُ، وَلَا يَفُوتُهُم ذَلِكَ -وَاللهِ-, فَقَدْ عَرَفُوا الرسولَ ﷺ وَأَحَبُّوهُ أَكْثَرَ مِنَّا، وَنَحْنُ لِلأَسَفِ لَا يَعْرِفُهُ الكَثِيرُ مِنَّا إِلَّا في هَذَا (المَوْلِدِ) -إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ-، أَمَّا الصَّحَابَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- فَيَعْرِفُونَهُ في كُلِّ لَحْظَةٍ وَيَبْذُلُونَ مُهَجَهُم وَأَمْوَالَهُم لِنُصْرَةِ دينِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللهِ، وَبَرْهَنُوا عَلَى حُبِّهِم لِرَسُولِ اللهِ ﷺ بِإِيمَانِهِم بِهِ وَحُبِّهِ وَاتِّبَاعِهِ وَبَذْلِهِم مُهَجِهِم وَأَمْوَالِهِم فِي نُصْرَةِ دِينِهِ .

 

أَمَّا الآن فَهؤلاء يَتَأَكَلُّونَ بِالدِّينِ وَيَقُولونَ نُحِبُّ رسولَ اللهِ ﷺ، وَيُقِيمونَ هَذِهِ المَوَالِد؛ لأَنَّ فِيهَا أَكْلًا لأموالِ النَّاسِ بِالبَاطِلِ وَيَرْتَكِبُونَ فِيهَا الشِّرْكَ والخُرَافَات والضَّلَالَات, فَهَلْ هَذه مِن دِينِ اللهِ؟!! وَهَلْ يُحْمَدُ مَنْ سَنَّهَا؟!! عِلْمًا بِأَنَّ الذي سَنَّهَا هُم البَاطنيُّونَ أَعْدَاءُ اللهِ ورسولِهِ وأعداءُ دينِ الإسلامِ، بَل عَدَاوتُهُم أَشَدُّ مِن عَدَاوَةِ اليهودِ وَالنَّصَارَى للإِسْلامِ, جَاءُوا بِهَذِهِ البِدْعَةِ الخَبِيثةِ التي يُنَافِحُ عَنْهَا أُنَاسٌ يَزْعُمُونَ أَنَّهُم مِن أَهْلِ السُّنَّةِ!! وَهُم مِن أَهْلِ الضَّلَالِ وَمِن أَذْنَابِ هؤلاء البَاطنيَّةِ مَعَ الأَسَفِ الشَّدِيدِ.

مصدر الفتوى: موقع الشيخ ربيع بن هادي المدخلي.

 

مَوْقِعُ تَفْرِيغِ خُطَبِ عُلَمَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  اتِّبَاعُ الْعُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ وَالتَّحْذِيرُ مِنَ الْفَوْضَى
  حَضُّ الْإِسْلَامِ عَلَى التَّرَقِّي فِي الْعُلُومِ وَالصِّنَاعَاتِ
  الْوَعْيُ بِتَحَدِّيَّاتِ الْوَطَنِ الرَّاهِنَةِ وَسُبُلِ مُوَاجَهَتِهَا
  وُجُوهُ وَأَدِلَّةُ خَيْرِيَّةِ النَّبِيِّ ﷺ
  التَّحْذِيرُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى
  نِعْمَةُ دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ
  سِيرَةُ النَّبِيِّ ﷺ كَامِلَةٌ شَامِلَةٌ
  مَبْنَى حَرَكَةِ حَيَاةِ الْمُسْلِمِ عَلَى نِظَامٍ مُحْكَمٍ
  مِنْ سُبُلِ التَّنْمِيَةِ الِاقْتِصَادِيَّةِ: الِاجْتِهَادُ فِي الْعَمَلِ وَالْإِنْتَاجِ
  مِنْ مَظَاهِرِ الْإِيجَابِيَّةِ: الِاجْتِهَادُ فِي الْعَمَلِ وَالسَّعِيُ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ الْحَلَالِ
  وُجُوبُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْمِيَاهِ وَعَدَمِ الْإِسْرَافِ فِي اسْتِخْدَامِهَا
  الْعِلَاجَاتُ النَاجِعَةُ لِلتَّطَرُّفِ الْفِكْرِيِّ وَمَا نَتَجَ عَنْهُ مِنْ إِرْهَابٍ وَتَدْمِيرٍ وَإِلْحَادٍ
  آثَارُ الْمَعِيَّةِ فِي تَحْقِيقِ السَّلَامِ النَّفْسِيِّ
  خُطُورَةُ الْكَذِبَةِ تَبْلُغُ الْآفَاقَ
  مِنْ مَظَاهِرِ الْإِيجَابِيَّةِ: إِصْلَاحُ النَّفْسِ
  • شارك