بَعْضُ عِلَاجَاتِ ظَاهِرَةِ الْإِرْهَابِ


 ((بَعْضُ عِلَاجَاتِ ظَاهِرَةِ الْإِرْهَابِ))

لَا شَكَّ أَنَّ عَقِيدَةَ الْخَوَارِجِ مُنْتَشِرَةٌ بَيْنَ الشَّبَابِ، فَكَيْفَ نُعَالِجُ هَذَا الِانْحِرَافَ وَنُنَجِّي أَنْفُسَنَا وَأَوْطَانَنَا مِنَ الدَّمَارِ؟

مِنْ وَسَائِلِ عِلَاجِ ظَاهِرَةِ الْإِرْهَابِ:

*تَمْكِينُ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ لِمُحَارَبَةِ الْإِرْهَابِ بِالْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ:

لَقَدْ تَصَدَّى الْعُلَمَاءُ الرَّبَانِيُّونَ لِلْخَوَارِجِ مُنْذُ ظُهُورِهِمْ, فَنَسَفُوا شُبُهَاتِهِمْ, وَأَحْكَمُوا قَبْضَةَ الْأَدِلَّةِ عَلَى رِقَابِ حُجَجِهِمْ, فَهَدَى اللهُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ، وَحَمَى كَثِيرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْوُقُوعِ فِي شِبَاكِهِمْ.

كَمُنَاظَرَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- مَعَ الْحَرُورِيَّةِ -وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الْخَوَارِجِ, خَرَجُوا عَلَى عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، وَنَزَلُوا حَرُورَاءَ، وَهُوَ مَوْضِعٌ بِالْقُرْبِ مِنَ الْكُوفَةِ، فَنُسِبُوا إِلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ-.

وَمِنْ إِرْشَادِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَتَعْلِيمِهِمْ، وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ مَسْأَلَةُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَعَ الْخَوارِجِ وَمَعَ غَيْلَانَ الْقَدَرِيِّ.

وَمِثَالٌ ظَاهِرٌ فِي الْعَصْرِ الْحَدِيثِ لِمُحَارَبَةِ الْعُلَمَاءِ الْأَكَابِرِ لِلتَّطَرُّفِ وَالْإِرْهَابِ بِالْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ:

جَاءَ فِي ((الْقِصَّةِ الْكَامِلَةِ لِخَوَارِجِ عَصْرِنَا)):

دَوْرُ عُلَمَائِنَا فِي إِخْمَادِ فِتْنَةِ الْجَزَائِرِ:

إِنَّ فِتْنَةَ خَوَارِجِ الْجَزَائِرِ لَمْ تَنْتَهِ حَتَّى هَذِهِ السَّاعَةِ؛ لَكِنْ بِفَضْلِ اللهِ تَعَالَى، ثُمَّ بِجُهُودِ عُلَمَائِنَا خَمَدَتِ الْفِتْنَةُ إِلَى حَدٍّ كَبِيرٍ، حَيْثُ قَامَ بَعْضُ الْعُقَلَاءِ بِنَشْرِ فَتَاوَى أَكَابِرِ أَهْلِ الْعِلْمِ -فِي هَذَا الْعَصْرِ- عَنْ مَسَائِلِ الْخُرُوجِ.

عِبَادَ اللهِ! يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ إِقَامَةَ الْحُجَّةِ عَلَى الْمُخَالِفِ شَيْءٌ، وَالْجِدَالَ وَالْمِرَاءَ وَالْخُصُومَةَ شَيْءٌ آخَرُ, هَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَذَاكَ مُرَغَّبٌ فِيهِ.

يَنْبَغِي لِمَنْ يُنَاظِرُهُمْ أَنْ يَكُونَ مُتَثَبِّتًا نَاطِقًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ, أَمَّا أَنْ يُقَدَّمَ إِلَى هَؤُلَاءِ مَنْ هُوَ جَاهِلٌ بِمَعْنَى لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ, فَهَذَا هُوَ الْعَبَثُ بِعَيْنِهِ, وَهَذَا يُمَكِّنُ لِهَؤُلَاءِ فِي ضَلَالَاتِهِمْ.

فَخَلُّوا -عِبَادَ اللهِ- عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ حَتَّى يَتَكَلَّمُوا مَعَ هَؤُلَاءِ، فَإِنَّ الْمَعْرَكَةَ مَعْرَكَةُ عَقِيدَةٍ، لَا يُفْلِحُ فِي خَوْضِهَا الزَّائِغُونَ، وَلَا الْمُنْحَرِفُونَ، وَلَا الْمُتَحَلِّلُونَ، وَلَا الَّذِينَ يُحَارِبُونَ الدِّينَ، وَلَا الَّذِينَ يَنْسِفُونَ تُرَاثَ الْمُسْلِمِينَ، هَؤُلَاءِ يَزِيدُونَ النَّارَ اشْتِعَالًا.

*آخِرُ الطِّبِّ الْكَيُّ: مُعَالَجَةُ التَّطَرُّفِ وَالْإِرْهَابِ بِتَطْبِيقِ حَدِّ الْحِرَابَةِ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ:

عَالَجَ الْإِسْلَامُ الْإِرْهَابَ بِعِلَاجٍ حَاسِمٍ، وَآخِرُ الطِّبِّ الْكَيُّ، فَشَرَعَ حَدَّ الْحِرَابَةِ، وَهُوَ حَدٌّ شَرَعَهُ اللهُ تَعَالَى لِلْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ، وَلِلْقَضَاءِ عَلَى جَرِيمَةِ الْإِفْسَادِ فِي الْأَرْضِ، الَّتِي تُرَوِّعُ الْأَبْرِيَاءَ وَتَقْتُلُهُمْ، وَتُخِيفُ سُبُلَهُمْ، وَتُضْعِفُ أَمْنَهُمْ، وَتُفَجِّرُ دُورَهُمْ وَمُنْشَآتِهِمْ، وَتُبَدِّدُ ثَرْوَاتِهِمْ، وَتُضَيِّعُ أَوْطَانَ الْمُسْلِمِينَ، فَشَرَعَ لِذَلِكَ كُلِّهِ حَدًّا، وَآخِرُ الطِّبِّ الْكَيُّ.

قَالَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيم إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [المائدة: 33].

المُحَارِبُونَ للهِ وَرَسُولِهِ هُمُ الذينَ بَارَزُوهُ بِالعَدَاوَةِ، وَأَفْسَدُوا في الأَرْضِ؛ بِالكُفرِ، والقَتْلِ، وَأَخْذِ الأَمْوَالِ، وَإِخَافَةِ السُّبُلِ.

وَالمَشْهُورُ أَنَّ هذه الآيَةَ الكَرِيمَةَ في أَحْكَامِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ الذينَ يَعْرِضُونَ للنَّاسِ في القُرَى والبَوَادِي، فَيَغْصِبُونَهُم أَمْوَالَهُم، وَيَقْتُلُونَهُم، وَيُخِيفُونَهُم فَيَمْتَنِعُ النَّاسُ مِنْ سُلُوكِ الطريقِ التي هُم بها، فَتَنْقَطِعُ بِذَلِكَ.

فَأَخْبَرَ اللهُ أنَّ جَزَاءَهُم وَنَكَالَهُم عِنْدَ إِقَامَةِ الحَدِّ عَلَيْهِم أَنْ يُفْعَلَ بهم وَاحِدٌ مِنْ هذه الأُمُورِ.

 

المصدر:الدِّفَاعُ عَنِ الْوَطَنِ الْإِسْلَامِيِّ وَمَنْزِلَةُ الْمَسَاجِدِ وَوُجُوبُ حِمَايَتِهَا فِي الْإِسْلَامِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  مَظَاهِرُ النِّظَامِ فِي عِبَادَةِ الصَّوْمِ
  عَقِيدَتُنَا فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ
  ثَمَرَاتُ الْعَمَلِ الْجَمَاعِيِّ الْمَشْرُوعِ وَفَوَائِدُهُ
  الْحَثُّ عَلَى الْإِيجَابِيَّةِ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ
  مِنْ صُوَرِ الْعَمَلِ التَّطَوُّعِيِّ النَّبِيلِ: زِيَارَةُ الْمَرْضَى، وَمُوَاسَاتُهُمْ
  مِنْ مَعَالِمِ الرَّحْمَةِ فِي خُطْبَةِ الْوَدَاعِ: بَيَانُ حُرْمَةِ الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَعْرَاضِ
  حَضُّ الْإِسْلَامِ عَلَى التَّرَقِّي فِي الْعُلُومِ وَالصِّنَاعَاتِ
  الْمَوْعِظَةُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ : ((رَمَضَانُ وَمُحَاسَبَةُ النَّفْسِ))
  المَوْعِظَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ : ((جُمْلَةٌ مِنْ أُصُولِ الْعَقِيدَةِ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ(1) ))
  بِرُّ الْوَالِدَيْنِ مِنْ أَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ
  دُرُوسٌ مُهِمَّةٌ مِنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ ﷺ لِعُمُومِ الْأُمَّةِ
  فَضْلُ مِصْرَ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَأَعْلَامُهَا
  مِنْ أَعْظَمِ مُوجِبَاتِ الْعِتْقِ مِنَ النَّارِ فِي رَمَضَانَ: تَقْوَى اللهِ
  مِنْ أَعْظَمِ حِكَمِ الْعِيدِ: اجْتِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ
  رِقَابَةُ السِّرِّ وَالضَّمِيرِ مِنْ سُبُلِ تَفْرِيجِ الْكُرُبَاتِ
  • شارك