الْعَدْلُ وَالْفَضْلُ مُجَسَّدَانِ فِي النَّبِيِّ ﷺ


 ((الْعَدْلُ وَالْفَضْلُ مُجَسَّدَانِ فِي النَّبِيِّ ﷺ ))

عِبَادَ اللهِ! لَقَدْ جَعَلَ اللهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ خِصَالَ الْخَيْرِ بِحَذَافِيرِهَا، وَأَمَّا عَدْلُهُ فَهُوَ فِي أَقْصَى الْغَايَةِ، وَقَدْ أَرْبَى عَلَى النِّهَايَةِ ﷺ، وَدُونَكَ حَادِثَةً وَاحِدَةً وَقَعَتْ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ حَادِثَاتٍ لَا يُحِيطُ بِهَا الْحَصْرُ وَلَا يُدْرِكُهَا إِحْصَاءٌ، فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ بِغَزْوَةٍ بَدْرٍ، وَقَدْ أَخَذَ قِدْحًا كَعُودٍ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ كَرُمْحٍ يُقِيمُ بِهِ الصُّفُوفَ، وَأَخَذَ النَّبِيُّ ﷺ رَجُلًا بِطَعْنَةٍ فِي بِطَنْهِ يُسْمَّى سَوَادَ بْنِ غُزِيَّةَ، فَقَالَ: ((اسْتَوِ يَا سَوَادُ)).

فَقَالَ الرَّجُلُ: أَوَّه، لَقَدْ أَوْجَعْتَنِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَقِدْنِي؛ أَيْ مَكِّنِي أَنْ أَقْتَصَّ مِنْكَ يَا رَسُولَ اللهِ.

يُرِيدُ الرَّجُلُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ، فَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ الْعَادِلُ ﷺ؟

أَعْطَى الْقِدْحَ الَّذِي فِي يَدِهِ لِسَوَادٍ، وَقَالَ: ((اسْتَقِدْ مِنِّي يَا سَوَادُ))، اقْتَصّ مِنِّي يَا سَوَادُ.

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّمَا ضَرَبْتَنِي وَبَطْنِي عَارٍ، فَمَكِّنِي مِنْ ضَرْبِكَ وَبَطْنُكَ عَارِيَةً يَا رَسُولَ اللهِ!

فَكَشَفَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْ بَطْنِهِ، وَأَهْوَى الرَّجُلُ عَلَى بَطْنِ النَّبِيِّ ﷺ يُقَبِّلُهُ، وَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ! شَلَّتْ يَمِينِي إِنْ مُدَّتْ عَلَيْكَ، إِنَّمَا حَضَرَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ مَا حَضَرَ، وَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا هُوَ آخِرُ الْعَهْدِ بِلِقَائِكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ آخِرَ عَهْدِي بِلِقَائِكَ أَنْ يَمَسَّ جِلْدِي جِلْدَكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ ﷺ بِخَيْرٍ.

فَأَمَّا عَدْلُهُ فَقَدْ أَوْفَى عَلَى النِّهَايَةِ، وَقَدْ بَلَغَ الْغَايَةَ ﷺ، وَهَلْ رَأَيْتَ عَدْلًا يَعْدِلُ الْعَادِلُ حَتَّى مَعَ الْحَيَوَانِ الْأَعْجَمِ؟!!

صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ.

فَالْعَدْلُ كُلُّهُ، وَالْفَضْلُ كُلُّهُ؛ عَلَّمَنَا إِيَّاهُ مُحَمَّدٌ ﷺ.

 

المصدر:العدل وأثره في استقرار المجتمع

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  إِمْسَاكُ الْعَبْدِ عَنِ الشَّرِّ وَأَذَى الْخَلْقِ صَدَقَةٌ
  ثَمَرَاتُ كَثْرَةِ الْأُمَّةِ وَحُكْمُ تَنْظِيمِ النَّسْلِ وَتَحْدِيدِهِ
  بَرَاءَةُ الْإِسْلَامِ مِنْ جَرَائِمِ الْجَمَاعَاتِ الْمُتَطَرِّفَةِ
  شَرَعَ اللهُ الزَّوَاجَ لِتَكْوِينِ أُسَرٍ يَخْرُجُ مِنْهَا نَشْءٌ مُوَحِّدٌ للهِ
  فَسَادُ الْمُجْتَمَعَاتِ يَكُونُ بِسَبَبِ فَسَادِ الْأَفْرَادِ وَالْأُسَرِ
  الْحِكْمَةُ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الْحَجِّ
  حَدَّدَ الْإِسْلَامُ عَلَاقَةَ الْمُسْلِمِ حَتَّى بِالْحَيَوَانَاتِ
  حَالُ النَّبِيِّ ﷺ وَأَصْحَابِهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ وَتِلَاوَتِهِ
  الْإِسْلَامُ العَظِيمَ لَمْ يُبِحْ لِأَحَدٍ أَنْ يَعْتَدِيَ عَلَى أَحَدٍ
  الدرس الثلاثون : «الـــرِّضَــــــــا»
  نَبْذُ وَهَدْمُ الْإِسْلَامِ لِلْعُنْصُرِيَّةِ وَالْعَصَبِيَّةِ
  رَحْمَةُ الْإِسْلَامِ بِالْعَالَمِ بِشَهَادَةِ الْغَرْبِيِّينَ
  رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي الْمَدِينَةِ
  ضَرُورَةُ مَعْرِفَةِ الْبُيُوعِ الْمُحَرَّمَةِ
  مِنْ دُرُوسِ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ: أَنَّ قُدْرَةَ اللهِ لَا حَدَّ لَهَا
  • شارك