احْذَرِ النِّفَاقَ يَا ضَعِيفُ!!


 ((احْذَرِ النِّفَاقَ يَا ضَعِيفُ!!))

عِبَادَ اللهِ! إِنَّ الْفَارُوقَ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ يَوْمًا، وَخَرَجَ عَنِ السِّيَاقِ تَمَامًا، فَإِذَا بِهِ يَقُولُ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ! أَلَمْ تَكُنْ تُسَمَّى عُمَيْرًا، سَمَّاكَ أَهْلُكَ عُمَيْرَا، فَدُعِيتَ بَعْدُ عُمَرُ؟!!

أَلَمْ تَكُنْ ذَلِيلًا فَرَفَعَكَ اللهُ؟!!

أَلَمْ تَكُنْ وَضِيعًا فَأَعَزَّكَ اللهُ؟!!

أَلَمْ تَكُنْ فَقِيرًا فَأَغْنَاكَ اللهُ؟!!

أَلَمْ تَكُنْ تَرْعَى الْأَغْنَامَ لِأَهْلِ مَكَّةَ عَلَى قَرَارِيطَ لَا تُسْمِنُ، وَلَا تُغْنِي مِنْ جُوعٍ؟!!

أَلَمْ تَكُنْ تَرْعَى الْأَغْنَامَ لِلْخَطَّابِ، وَكَانَ فَظًّا غَلِيظًا -يَعْنِي أَبَاهُ-؟!!

عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يُرَاجِعُ نَفْسَهُ عَلَى الْمِنْبَرِ!!

فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! مَا هَذَا؟!!

هَذَا شَيْءٌ غَيْرُ مَعْهُودٍ، وَسِيَاقٌ مُضْطَرِبٌ مَا عَهِدْنَاهُ!!

قَالَ: إِنَّ نَفْسِي أَعْجَبَتْنِي.

نَفْسِي أَعْجَبَتْنِي لِلَحْظَةٍ تَخْطُرُ بِالْخَاطِرِ كَلَمْحَةِ الْبَرْقِ لَا تَرِيمُ، وَلَا تَبْقَى، بِخَاطِرٍ عَابِرٍ سَرْعَانَ مَا يَزُولُ، بِعَارِضٍ يَعْرِضُ بِهِ الشَّيْطَانُ أَمَامَ الْفَارُوقِ، ثُمَّ لَا يَلْبَثُ أَنْ يُوَلِّيَ مُدْبِرًا، وَلَهُ ضُرَاطٌ.

وَلَكِنَّ عُمَرَ الْفَارُوقَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يُؤَدِّبُ نَفْسَهُ بِأَدَبِ الدِّينِ، فَيَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ النِّفَاقَ، يَذْهَبُ إِلَى صَاحِبِ السِّرِّ إِلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، يَقُولُ لَهُ: ((يَا حُذَيْفَةُ! نَشَدْتُكَ اللهَ -يَعْنِي حَلَّفْتُكَ بِاللهِ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى، بِذِي الْقُوَى وَالْقُدَرِ، بِذِي الْجَلَالِ- أَذَكَرَنِي النَّبِيُّ ﷺ فِيمَنْ ذَكَرَ؟!!

يَا عَبْدَ اللهِ! يَا ضَعِيفُ!! أَأَنْتَ أَقْوَى مِنْ عُمَرَ، يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ النِّفَاقَ؟!!

أَتَّهَمْتَ نَفْسَكَ يَوْمًا بِالنِّفَاقِ؟ وَخِفْتَ عَلَى قَلْبِكَ مِنْهُ؟!!

أَأَتَّهَمْتَ نَفْسَكَ بِالرِّيَاءِ يَوْمًا، وَخَشِيتَ عَلَى قَلْبِكَ مِنَ الْوُقُوعِ فِي حَمْأَتِهِ؟!!

أَأَتَّهَمْتَ نَفْسَكَ يَوْمًا بِأَنَّكَ تَعْمَلُ لِغَيْرِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَخَشِيتَ مِنْ مَغَبَّةِ ذَلِكَ وَعَاقِبَتِهِ؟!!

عُمَرُ فِي جَلَالَتِهِ، وَفِي عَظِيمِ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، يَذْهَبُ إِلَى صَاحِبِ السِّرِّ حُذَيْفَةَ -وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ قَدْ أَعْلَمَهُ بِأَسْمَاءِ الْمُنَافِقِينَ- يَقُولُ: نَشَدْتُكَ اللهَ يَا حُذَيْفَةُ! أَذَكَرَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ فِيمَنْ ذَكَرَ؟!!

يَعْنِي: أَأَنَا مُنَافِقٌ ذَكَرَنِي النَّبِيُّ ﷺ فِي الْمُنَافِقِينَ؟!!

فَيَقُولُ حُذَيْفَةُ: ((اللَّهُمَّ لَا، وَلَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَكَ أَبَدًا)). -رُضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا- .

يَا ضَعِيفُ! اتَّقِ اللهَ فِي ضَعْفِ قَلْبِكَ!!

يَا ضَعِيفُ! اتَّقِ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فِي مُنْفَكِّ عَزِيمَتِكَ!!

يَا ضَعِيفُ! اسْأَلِ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ أَنْ يُقَوِّيَ إِيمَانَكَ!!

يَا ضَعِيفُ! اسْأَلِ اللهَ -جَلَّ وَعَلَا- أَنْ يُثَبِّتَ أَرْكَانَكَ!!

يَا ضَعِيفُ! اسْأَلِ اللهَ -جَلَّ وَعَلَا- أَنْ يَأْخُذَ بِيَدَيْكَ هَادِيًا قَلْبَكَ إِلَى سَبِيلِ اللهِ الْمُسْتَقِيمِ!!

عِبَادَ اللهِ! فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَصِيبَةِ عَلَيْنَا أَنْ نُنَقِّيَ قُلُوبَنَا، رَاجِعِينَ إِلَى اللهِ مَوْلَانَا وَرَبِّنَا، دَائِمِي الْأَخْذِ بِالدُّعَاءِ، لِرَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ.

نَسْأَلُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فِي كُلِّ حَينٍ وَحَالٍ أَنْ يَرْفَعَ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ الْكَرْبَ عَنِ الْأُمَّةِ. 

 

المصدر:النِّفَاقُ... عَلَامَاتُهُ، وَخُطُورَتُهُ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  مَظَاهِرُ الِابْتِلَاءِ
  دِينُ الْإِسْلَامِ دِينُ الرَّحْمَةِ وَالسَّلَامِ
  مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ فِي شَهْرِ الْحَصَادِ
  لِينُ الْكَلَامِ وَحُسْنُهُ مَعَ الْوَالِدَيْنِ
  عِظَمُ أَمَلِ الصَّادِقِ الْمُخْلِصِ فِي تَفْرِيجِ الْكُرُبَاتِ
  مِنْ سِمَاتِ الشَّخْصِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ: حُسْنُ الْخُلُقِ
  الْجَمْعُ بَيْنَ أَحَادِيثِ الصَّوْمِ، وَعَدَمِهِ في الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ
  أَثَرُ كَلَامِ الرَّحْمَنِ فِي زِيَادَةِ الْإِيمَانِ
  «بِدْعَةُ المَوْلِدِ النَّبَوِيِّ» الشيخُ العلَّامة: زيد بن محمد بن هادي المدخلي -رحمهُ اللهُ-.
  حَضَارَةُ الْعُنْصُرِيَّةِ وَسَفْكِ الدِّمَاءِ!!
  الْوَفَاءُ بِالْعُقُودِ وَالْعُهُودِ فِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ
  آثَارُ التَّفْرِيطِ فِي صِلَةِ الرَّحِمِ عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ
  المَوْعِظَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ : ​((رَمَضَانُ فُرْصَةٌ لِلْعِلَاجِ مِنْ مَرَضِ الشَّهَوَاتِ))
  مِنْ حُقُوقِ الطِّفْلِ فِي الْإِسْلَامِ: الْعَدْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِخْوَتِهِ
  قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا
  • شارك