المَصْلَحَةُ العُلْيَا لِلْأُمَّةِ


«المَصْلَحَةُ العُلْيَا لِلْأُمَّةِ»

إِنَّ رِعَايَةَ الْمَصَالِحِ الْعُلْيَا لِلْأُمَّةِ مِنْ أَوْجَبِ الْوَاجِبَاتِ وَأَفْرَضِ الْفَرَائِضِ، وَالْمَصْلَحَةُ هِيَ تَحْقِيقُ مَطَالِبِ الشَّرْعِ، وَالشَّرْعُ إِنَّمَا يُحَقِّقُ لِلنَّاسِ مَطَالِبَهُمْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّفْسِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقْلِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّسْلِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ.

وَهِيَ الضَّرُورَاتُ الْخَمْسُ الَّتِي لِأَجْلِهَا شَرَعَ اللهُ الشَّرَائِعَ، وَأَنْزَلَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الْكُتُبَ؛ لِيَحْفَظَ عَلَى النَّاسِ دِينَهُمْ أَوَّلَ شَيْءٍ؛ مِنْ تَحْقِيقِ تَوْحِيدِ الرَّبِّ -جَلَّ وَعَلَا- فِي الْأَرْضِ، بِإِخْلَاصِ الْعِبَادَةِ لِدِينِهِ الْكَرِيمِ وَوَجْهِهِ الْعَظِيمِ.

 وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِهَذَا النَّظَرِ السَّدِيدِ الْقَوِيمِ فِي مَعْرِفَةِ دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ كَمَا جَاءَ بِهِ نَبِّيُهُ وَمُصْطَفَاهُ .

وَالْمَصَالِحُ -كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ-: عُلْيَا، وَوُسْطَى، وَمَصَالِحُ شَخْصِيَّةٌ.

وَالْمَصَالِحُ الْعُلْيَا: إِنَّمَا هِيَ فِي النِّهَايَةِ رَاجِعَةٌ إِلَى الْأُمَّةِ فِي وُجُودِهَا، وَفِي اسْتِمْرَارِهَا، وَفِي ظَفَرِهَا، وَفِي تَحَقُّقِ هَيْبَتِهَا، وَفِي اسْتِقْرَارِهَا وَقِيَامِهَا عَلَى دَعَائِمِهَا الَّتِي لَا تَهْتَزُّ وَلَا تَتَقَوَّضُ.

وَأَمَّا الْمَصَالِحُ الْوُسْطَى: فَهِيَ مَا يَتَعَلَّقُ بِعَامَّةِ النَّاسِ، وَبِعُمُومِ الْأَفْرَادِ.

وَأَمَّا الْمَصَالِحُ الشَّخْصِيَّةُ: فَإِنَّهَا لَا قِيمَةَ لَهَا بِالنَّظَرِ إِلَى الْمَصَالِحِ الْوُسْطَى، فَكَيْفَ بِالنَّظَرِ إِلَى الْمَصَلْحَةِ الْعُلْيَا لِلْأُمَّةِ؟!

*تَتَحَقَّقُ الْمَصْلَحَةُ الْعُلْيَا لِلْأُمَّةِ بِتَحْقِيقِ التَّوْحِيدِ:

إِنَّ الْمَصْلَحَةَ الْعُلْيَا لِلْأُمَّةِ إِنَّمَا تَتَحَقَّقُ بِمَا يَتَحَقَّقُ بِهِ نَفْيُ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ، وَنَفْيُ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ بِتَحْقِيقِ التَّوْحِيدِ {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأَعْرَاف: 56].

فَلَا يَتَحَقَّقُ الصَّلَاحُ فِي الْأَرْضِ، وَلَا يَنْتَفِي الْفَسَادُ مِنْهَا إِلَّا بِتَحْقِيقِ التَّوْحِيدِ فِيهَا، الَّذِي لِأَجْلِهِ خَلَقَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الْخَلْقَ، فَأَوَّلُ مَا يَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى مِنَ الْمَصَالِحِ الْعُلْيَا هُوَ: تَحْقِيقُ دِينِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فَبِهِ تَتَحَقَّقُ الْمَصْلَحَةُ، وَبِهِ تَنْتَفِي الْمَفْسَدَةُ.

 

 المصدر: حُقُوقُ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ وَحُرْمَةُ قَتْلِ السَّائِحِينَ وَالْمَدَنِيِّينَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  عِظَمُ حَقِّ الْأَبَوَيْنِ فِي الْإِسْلَامِ
  الْوَعْيُ بِالتَّحَدِّيَّاتِ الِاقْتِصَادِيَّةِ وَسُبُلِ مُوَاجَهَتِهَا
  فَضْلُ الْجِهَادِ الشَّرْعِيِّ فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى
  الْحَثُّ عَلَى خُلُقِ الشَّهَامَةِ وَتَفْرِيجِ كُرُبَاتِ الْمُسْلِمِينَ
  رَحْمَةُ النَّبِيِّ ﷺ بِالصِّغَارِ
  الْوَفَاءُ بِمِيثَاقِ الرَّاعِي وَالرَّعِيَّةِ
  عَاقِبَةُ إِهْمَالِ مُرَاقَبَةِ الْقُلُوبِ وَرِعَايَةِ الضَّمَائِرِ
  النَّهْيُ عَنِ الْإِسْرَافِ وَالْحَثُّ عَلَى الِاعْتِدَالِ فِي السُّنَّةِ
  تَرْغِيبُ اللهِ تَعَالَى فِي الْإِحْسَانِ إِلَى الْخَلْقِ
  مَفْهُومُ الْحَيَاةِ وَالِابْتِلَاءِ
  مِنْ صُوَرِ الْعَمَلِ التَّطَوُّعِيِّ: نَظَافَةُ الشَّوَارِعِ وَالْأَمَاكِنِ الْعَامَّةِ
  مِنْ دُرُوسِ الْهِجْرَةِ: الْأَخْذُ بِالْأَسْبَابِ مَعَ الْيَقِينِ فِي تَوْفِيقِ اللهِ
  أَدِلَّةُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَحُكْمُ مَانِعِهَا
  اللهُ لَا يُخْزِي الشَّهْمَ ذَا الْمُرُوءَةِ
  فَضْلُ قَضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ
  • شارك