أَهْدَافُ الْجِهَادِ السَّامِيَةِ


((أَهْدَافُ الْجِهَادِ السَّامِيَةِ))

عِبَادَ اللهِ! إِنَّ الْجِهَادَ شُرِعَ لِحِمَايَةِ دَعْوَةِ الْحَقِّ الْقَائِمَةِ عَلَى الْإِقْنَاعِ وَالْعَدْلِ، وَرَدِّ الظُّلْمِ الْمُوَجَّهِ إِلَى حَامِلِيهَا بِإِنْقَاذِ الْبَشَرِيَّةِ مِنْ ضَلَالِهَا وَكُفْرَانِهَا.

{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)} [الحج: 39-41].

لَقَدْ شُرِعَ الْجِهَادُ لِدَفْعِ الْفِتْنَةِ الَّتِي تَمْنَعُ النَّاسَ مِنْ سَمَاعِ صَوْتِ الْحَقِّ، وَتُشَوِّهُ الْحَقَائِقَ لِتَصُدَّ النَّاسَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ، فَإِنَّ الْقِتَالَ إِنَّمَا هُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، لَا فِي سَبِيلِ اكْتِسَابِ الْأَمْجَادِ، وَلَا لِلِاسْتِعْلَاءِ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَلَا فِي سَبِيلِ مَغْنَمٍ، وَلَا فِي سَبِيلِ سِيَادَةِ جِنْسٍ عَلَى جِنْسٍ.

{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ۚ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ۖ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ۗ كَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191) فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (192) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ۖ فَإِنِ انتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193)} [البقرة: 190-193].

وَشُرِعَ الْجِهَادُ لِلْقَضَاءِ عَلَى سُلْطَةِ الْعَنَاصِرِ الْفَاسِدَةِ فِي ذَاتِهَا، وَالْمُفْسِدَةِ لِغَيْرِهَا؛ حَيْثُ تَحْمِلُ السِّلَاحَ فِي وَجْهِ الْحَقِّ، وَفِي طَرِيقِ الْعَدْلِ، وَتُخْرِجُ النَّاسَ مِنْ أَوْطَانِهِمْ وَدِيَارِهِمْ، وَتَسْلُبُ مِنْهُمْ مُمْتَلَكَاتِهِمْ، وَتَهْدِمُهَا عَلَيْهِمْ؛ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا.

وَلِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْجِهَادِ قَتْلُ الْأَبْرِيَاءِ مِنَ الْأَطْفَالِ وَالنِّسَاءِ وَالشُّيُوخِ وَالْعُبَّادِ وَالَّذِينَ لَمْ يُشَارِكُوا فِي الْمَعْرَكَةِ، وَالنَّبِيُّ ﷺ كَانَ يُوصِي قُوَّادَهُ بِذَلِكَ إِذَا أَرْسَلَهُمْ فِي سَرِيَّةٍ يَغْزُونَ بِهَا، وَيُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ.

الْجِهَادُ يَحْتَرِمُ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ، وَيُحَرِّمُ الْغَدْرَ، وَيُحَرِّمُ الْخِيَانَةَ.

وَيَقُولُ تَعَالَى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} [الأنفال: 58].

{فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ} أَيْ: أَعْلِمْهُمْ أَنَّ الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ قَدِ انْتَهَى، لَا غَدْرَ، وَلَا خِيَانَةَ، وَلَا كَيْدَ، وَلَا اعْتِدَاءَ!!

أَعْلِمْهُمْ أَنَّ الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ قَدِ انْتَهَى؛ لِيَصِلَهُمُ الْأَمْرُ عَلَى وُضُوحٍ تَامٍّ، لَا تَغْدِرْ بِهِمْ، لَا تَهْجِمْ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ عَلَى الْعَهْدِ بَاقُونَ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِنَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَنْ يَغْدِرَ، وَلَيْسَ مِنْ خُلُقِ أَتْبَاعِهِ الْخُلَّصِ الَّذِينَ يَتَمَسَّكُونَ بِهَدْيِهِ، وَيَسِيرُونَ عَلَى نَهْجِهِ، وَيَقْتَفُونَ أَثَرَهُ -صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِمْ-.

فَهَكَذَا الدُّعَاةُ الَّذِينَ هُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، يَنْشُرُونَ عِلْمَهُمْ، وَيُبَلِّغُونَ سُنَّتَهُمْ، لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا مَا لَمْ يَفْعَلْهُ قُدْوَتُهُمْ وَأُسْوَتُهُمْ مُحَمَّدٌ ﷺ.

 

المصدر: مَنْزِلَةُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَالْمُؤَامَرَةُ عَلَى مِصْرَ الْآنَ!!

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  الْأَمَلُ الْمَذْمُومُ وَسُوءُ عَاقِبَتِهِ
  مِنْ سُبُلِ التَّنْمِيَةِ الِاقْتِصَادِيَّةِ: الِاجْتِهَادُ فِي الْعَمَلِ وَالْإِنْتَاجِ
  الدرس الثاني عشر : «الحَيَاءُ»
  المَوْعِظَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ : ((جُمْلَةٌ مِنْ أُصُولِ الْعَقِيدَةِ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ(1) ))
  جُمْلَةٌ جَامِعَةٌ مِنْ سُبُلِ تَحْقِيقِ خَيْرِيَّةِ الْأُمَّةِ
  مِنْ دُرُوسِ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ: تَأْيِيدُ اللهِ لِأَنْبِيَائِهِ وَأَوْلِيَائِهِ، وَنُصْرَتُهُ لَهُمْ وَدِفَاعُهُ عَنْهُمْ
  أَصْنَافُ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ، وَحُقُوقُهُمْ فِي دِيَارِ الْإِسْلَامِ
  أَنْوَاعُ الْهِجْرَةِ
  أَقْبِلُوا عَلَى ذِكْرِ اللهِ!
  تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ عَلَى أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ
  صِلْ مَنْ قَطَعَكَ
  أُمَّةٌ مُتَمَيِّزَةٌ مَتْبُوعَةٌ لَا تَابِعَةٌ
  حَثُّ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى الزَّوَاجِ فِي سُنَّتِهِ الْمُطَهَّرَةِ
  المَوْعِظَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : ((رَمَضَانُ شَهْرُ الْجَوَدِ وَالْكَرَمِ وَالْعَطَاءِ))
  الْحَثُّ عَلَى وَحْدَةِ الصَّفِّ فِي الْوَطَنِ الْإِسْلَامِيِّ وَثَمَرَاتُهَا
  • شارك