أَمَلُ الْمَرِيضِ فِي الشِّفَاءِ وَالْبُشْرَى لَهُ بِالْأَجْرِ


 ((أَمَلُ الْمَرِيضِ فِي الشِّفَاءِ وَالْبُشْرَى لَهُ بِالْأَجْرِ))

عِبَادَ اللهِ! مِنَ السُّنَّةِ التَّبْشِيرُ بِالْأَجْرِ وَالثَّوَابِ لِلْمَرِيضِ؛ مُوَاسَاةً وَتَصْبِيرًا؛ فَإِنَّ مَرَضَ الْمُؤْمِنِ يَجْعَلُهُ اللهُ كَفَّارَةً وَمُسْتَعْتَبًا.

فَالْمَرَضُ وَالِابْتِلَاءُ يُفِيدُ الْمُؤْمِنَ، وَيَرْفَعُ دَرَجَتَهُ، وَأَمَّا الْكَافِرُ الْفَاجِرُ فَلَا؛ كَقَوْلِهِ : «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ؛ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فكَانَ خَيْرًا لَهُ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي «صَحِيحِهِ».

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ سَلْمَانَ، وَعَادَ مَرِيضًا فِي كِنْدَةَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ: أَبْشِرْ؛ فَإِنَّ مَرَضَ الْمُؤْمِنِ يَجْعَلُهُ اللَّهُ لَهُ كَفَّارَةً وَمُسْتَعْتَبًا، وَإِنَّ مَرَضَ الْفَاجِرِ كَالْبَعِيرِ عَقَلَهُ أَهْلُهُ ثُمَّ أَرْسَلُوهُ، فَلَا يَدْرِي لِمَ عُقِلَ وَلِمَ أُرْسِلَ.

وَالْحَدِيثُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي ((الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ)).

«مُسْتَعْتَبًا»: «الْمُسْتَعْتَبُ»: اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ «اسْتَعْتَبَ»؛ أَيْ: رَجَعَ عَنِ الْإِسَاءَةِ وَطَلَبَ الرِّضَا.

فَمَرَضُ الْمُؤْمِنِ بَابٌ عَظِيمٌ لِطَلَبِ الرِّضَا مِنَ اللهِ تَعَالَى.

بَابٌ عَظِيمٌ لِلرُّجُوعِ عَنِ الذَّنْبِ وَالْإِثْمِ، وَإِحْسَانِ التَّوْبَةِ، وَالْإِنَابَةِ إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، بِالْإِضَافَةِ إِلَى تَكْفِيرِهِ الذُّنُوبَ.

«مَرَضُ الْفَاجِرِ كَالْبَعِيرِ عَقَلَهُ أَهْلُهُ»: «عَقَلَ الْبَعِيرَ»: ضَمَّ رُسْغَ يَدِهِ إِلَى عَضُدِهِ وَرَبَطَهُمَا مَعًا بِالْعِقَالِ؛ لِيَبْقَى بَارِكًا.

«ثُمَّ أَرْسَلُوهُ»؛ أَيْ: أَطْلَقُوا عِقَالَهُ، فَلَا يُدْرَي لِمَ عُقِلَ؟ وَلِمَ أُرْسِلَ؟

وَعَنْ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ الْقَاسِمَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ النَّبِيَّكَانَ يَقُولُ: «مَا أَصَابَ الْمُؤْمِنَ مِنْ شَوْكَةٍ فَمَا فَوْقَهَا، فَهُوَ كَفَّارَةٌ»(). وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي «الصَّحِيحِ».

فِي الْحَدِيثِ بِشَارَةٌ عَظِيمَةٌ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ؛ لِأَنَّ الْأَذَى لَا يَنْفَكُّ غَالِبًا مِنْ أَلَمٍ، أَوْ هَمٍّ، أَوْ غَمٍّ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَكَذا الْآلَامُ وَالْأَوْجَاعُ الْبَدَنِيَّةُ، وَكَذَا الْقَلْبِيَّةُ، وَكُلُّ ذَلِكَ تُكَفَّرُ بِهِ الذُّنُوبُ لِمَنْ وَقَعَتْ لَهُ.

فَهَذِهِ بِشَارَةٌ عَظِيمَةٌ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ احْتَسَبَ بِذَلِكَ الْأَجْرَ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى.

عِبَادَ اللهِ! مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَنْصَحَ الْعَائِدُ لِلْمَرِيضِ بِالدُّعَاءِ، وَأَلَّا يَقُولَ عِنْدَهُ إِلَّا خَيْرًا، فَفِي ((صَحِيحِ مُسْلِمٍ)) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالتَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((إِذَا حَضَرْتُمُ الْمَرِيضَ أَوِ الْمَيِّتَ فَقُولُوا خَيْرًا؛ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ)).

وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إِذَا عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَذْكُرْ عِنْدَهُ إِلَّا مَا يَجْعَلُ الْمَرِيضَ يَائِسًا مِنَ الْحَيَاةِ بِسَبِبِهِ!!

وَمِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُنَفِّسَ الْعَائِدُ لِلْمَرِيضِ فِي أَجَلِهِ، وَأَنْ يَبْعَثَ الْأَمَلَ فِي صَدْرِهِ، وَأَنْ يَتَكَلَّمَ عِنْدَهُ بِالْكَلَامِ الْحَسَنِ.

 

المصدر:الْأَمَلُ

 

 

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  مُوَاسَاةُ الْمُحْتَاجِينَ وَمُسَاعَدَتُهُمْ بِالصَّدَقَاتِ
  حِكَمُ تَشْرِيعِ الزَّكَاةِ
  الْمَوْعِظَةُ الثَّلَاثُونَ : ((وَدَاعُ رَمَضَانَ وَسُنَنُ العِيدِ وَآدَابُهُ))
  تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ عَلَى الْأَخْلَاقِ الْفَاضِلَةِ
  حُكْمُ الْقُنُوطِ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ
  التَّحْذِيرُ مِنْ خُطَّةِ رَدِّ الِاعْتِدَاءِ الْقُطْبِيَّةِ الْإِخْوَانِيَّةِ
  رِسَالَةُ الْمُسْلِمِينَ: دَعْوَةُ الْعَالَمِ إِلَى التَّوْحِيدِ بِالرَّحْمَةِ وَالْعَدْلِ
  الْأَمْرُ بِالتَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى
  ثُبُوتُ سُنَّةِ صِيَامِ التِّسْعِ الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ
  حُكْمُ مَانِعِ الزَّكَاةِ
  الدُّعَاءُ مِنْ أَكْرَمِ الْأَذْكَارِ عَلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-
  بَيَانُ مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ
  فَضْلُ الْجِهَادِ وَمَنْزِلَةُ الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-
  الْوَعْيُ بِأَخْطَرِ عَدُوٍّ لِلْإِنْسَانِ
  الْإِسْلَامُ العَظِيمَ لَمْ يُبِحْ لِأَحَدٍ أَنْ يَعْتَدِيَ عَلَى أَحَدٍ
  • شارك