طُولُ الْأَمَلِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ


 ((طُولُ الْأَمَلِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ))

طُولُ الْأَمَلِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ:

ذَكَرَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- طُولَ الْأَمَلِ وَعَدَمَ تَذَكُّرِ الْمَوْتِ فِي بَعْضِ آيَاتِ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ؛ فَقَالَ اللهُ -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ-: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ۚ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} [البقرة: 96].

فَذَكَرَ أَقْوَامًا لَا يَلْتَفِتُونَ إِلَى الْمَوْتِ مُطْلَقًا، يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ -لَوْ يَعِيشُ أَلْفَ سَنَةٍ-.

وَيَقُولُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر: 3].

هَذَا هُوَ الْأَمَلُ الْمَذْمُومُ.

*طُولُ الْأَمَلِ فِي السُّنَّةِ:

الرَّسُولُ ﷺ ضَرَبَ لَنَا الْمِثَالَ فِي أَجَلِ الْإِنْسَانِ وَأَمَلِ الْإِنْسَانِ، وَهَذَا الْأَجَلُ الَّذِي يُحِيطُ بِالْإِنْسَانِ مِنْ جَمِيعِ أَقْطَارِهِ، عَلَّ الْإِنْسَانَ أَنْ يَلْتَفِتَ، وَعَلَّ الْإِنْسَانَ أَنْ يَتُوبَ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي.

عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: أَخَذَ الرَّسُولُ ﷺ ثَلَاثَةَ أَعْوَادٍ، فَغَرَسَ إِلَى جَنْبِهِ وَاحِدًا، ثُمَّ مَشَى قَلِيلًا فَغَرَسَ آخَرَ، ثُمَّ مَشَى ﷺ قَلِيلًا فَغَرَسَ الْآخَرَ -يَعْنِي الثَّالِثَ-.

ثُمَّ قَالَ: ((هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذَا؟ هَذَا مَثَلُ ابْنِ آدَمَ، وَأَجَلِهِ، وَأَمَلِهِ، فَنَفْسُهُ تَتُوقُ إِلَى أَمَلِهِ، وَيَخْتَرِمُهُ أَجَلُهُ دُونَ أَمَلِهِ)) . هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ وَكِيعٌ فِي ((الزُّهْدِ))، وَهُوَ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ فِي ((الزُّهْدِ))، وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي ((الصَّحِيحِ)) .

ابْنُ آدَمَ يُرِيدُ الْأَمَلَ، وَالْأَمَلُ بَعْدَ الْأَجَلِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَصِلَ إِلَى هَذَا الْأَمَلِ اخْتَرَمَهُ الْأَجَلُ دُونَ الْأَمَلِ.

وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: ((اللَّهُمَّ مَنْ آمَنَ بِكَ وَشَهِدَ أَنِّي رَسُولُكَ، فَحَبِّبْ إِلَيْهِ لِقَاءَكَ، وَسَهِّلْ عَلَيْهِ قَضَاءَكَ، وَأَقْلِلْ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِكَ وَلَمْ يَشْهَدْ أَنِّي رَسُولُكَ، فَلا تُحَبِّبُ إِلَيْهِ لِقَاءَكَ، وَلا تُسَهِّلْ عَلَيْهِ قَضَاءَكَ، وَأَكْثِرْ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا)) . أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي ((الْكَبِيرِ))، وَابْنُ حِبَّانَ فِي ((صَحِيحِهِ))، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: ((خَطَّ النَّبِيُّ ﷺ خَطًّا مُرَبَّعًا -يَعْنِي رَسَمَ مُرَبَّعًا عَلَى الْأَرْضِ-، وَخَطَّ خَطًّا فِي الْوَسَطِ خَارِجًا مِنْهُ -يَعْنِي مِنْ هَذَا الْمُرَبَّعِ-، وَخَطَّ خُطُوطًا صِغَارًا إِلَى هَذَا الَّذِي فِي الْوَسَطِ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي فِي الْوَسَطِ.

وَقَالَ: ((هَذَا الْإِنْسَانُ، وَأَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ، وَقَدْ أَحَاطَ بِهِ، وَهَذَا الَّذِي هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ -فَالْأَمَلُ خَارِجُ الْأَجْلِ، فَكَيْفَ يَتَحَقَّقُ-، وَهَذِهِ الْخُطُوطُ الصِّغَارُ الْأَعْرَاضُ -أَعْرَاضُ الدُّنْيَا-، فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا، وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا)). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي ((صَحِيحِهِ)) .

وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِمَنْكِبَيَّ، فَقَالَ: ((كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ))، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- يَقُولُ: ((إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ)). أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.

 

المصدر:الْأَمَلُ

 

 

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  تَقْدِيمُ مَصْلَحَةِ الْأُمَّةِ عَلَى الْمَصَالِحِ الْخَاصَّةِ بِالصَّبْرِ عَلَى جَوْرِ الْأَئِمَّةِ
  الإِسْلَامُ أَعْظَمُ نِعَمِ اللهِ على العَبْدِ
  تَعَلُّقُ الْخِيَانَةِ بِالضَّمِيرِ
  وُجُوبُ شُكْرِ نِعْمَةِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
  بَيْنَ الِابْنِ وَأُمِّهِ!!
  الْعِيدُ وَاجْتِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَنَبْذُ الْخِلَافَاتِ
  دِينٌ كَامِلٌ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ فِي جَمِيعِ أَزْمِنَتِهِمْ
  وَسَائِلُ صِلَةِ الرَّحِمِ
  مِنْ سِمَاتِ الشَّخْصِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ: اسْتِقَامَةُ الْعَقِيدَةِ
  رِقَابَةُ الضَّمِيرِ وَرِعَايَةُ السِّرِّ فِي زَحْمَةِ الْحَيَاةِ وَصِرَاعَاتِهَا!!
  مَحَبَّةُ الْأَنْبِيَاءِ لِأَوْطَانِهِمْ
  الْخُلُقُ الْكَــرِيمُ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَشَفَقَتُهُ بِالنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَالْمَرْضَى
  تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ عَلَى التَّوْحِيدِ
  أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا
  عِلَاجُ طُولِ الْأَمَلِ
  • شارك