ثَمَرَاتُ التَّرْشِيدِ فِي الْإِنْفَاقِ فِي رَمَضَانَ


 ((ثَمَرَاتُ التَّرْشِيدِ فِي الْإِنْفَاقِ فِي رَمَضَانَ))

إِنَّ التَّقْلِيلَ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فِي هَذَا الشَّهْرِ -وَفِي جَمِيعِ الْعَامِ- مِمَّا تَصِحُّ بِهِ الْأَبْدَانُ، وَتَصْفُو بِهِ الْأَذْهَانُ، وَتَسْتَقِيمُ بِهِ عَلَى الصِّرَاطِ الْأَقْدَامُ؛ لِأَنَّ الْمَعِدَةَ تَحْتَ الْقَلْبِ، وَقَدْ شَبَّهَهَا الْعُلَمَاءُ بِمَا يَكُونُ مِنْ ذَلِكَ الْمِرْجِلِ تَحْتَ الْقِدْرِ.

فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْمِرْجِلُ مُتَصَاعِدًا دُخَانُهُ؛ فَإِنَّ الْقِدْرَ يَسْوَدُّ، وَكَذَلِكَ مَا يَكُونُ مِنْ تِلْكَ الْأَطْعِمَةِ يُحْشَى بِهَا الْجَوْفُ، فَإِنَّ الْأَبْخِرَةَ الَّتِي تَكُونُ كَالدُّخَانِ يُسَوِّدُ الْقَلْبَ وَيُقَسِّيهِ.

وَالنَّبِيُّ ﷺ جَعَلَ فِي الصِّيَامِ سِرًّا، وَهُوَ التَّقْلِيلُ مِنَ الشَّهْوَةِ، مَعَ ضَبْطِ هَذِهِ الشَّهْوَةِ.

وَلَنْ تَجِدَ عَلَى مَدَارِ التَّارِيخِ مَنْ كَانَ يُمْدَحُ بِكَثْرَةِ الْأَكْلِ، إِنَّمَا يُمْدَحُ بِكَثْرَةِ الْأَكْلِ الْأَنْعَامُ، وَإِنَّمَا الصَّالِحُونَ يُمْدَحُونَ بِقِلَّةِ الْمَطْعَمِ.

كَانَ الْإِمَامُ مَالِكٌ -رَحِمَهُ اللهُ- يَدْخُلُ الْخَلَاءَ فِي كُلِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَرَّةً، وَيَقُولُ: ((وَاللهِ إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ مِنْ كَثْرَةِ دُخُولِي الْخَلَاءَ!!))

كَانَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- رُبَّمَا سَرَدَ الصِّيَامَ، وَقَدْ مَاتَ فِي حُدُودِ الْأَرْبَعِينَ -رَحِمَهُ اللهُ-، وَمَاتَ إِمَامًا -رَحِمَهُ اللهُ رَحْمَةً وَاسِعَةً-، عُرِضَتْ عَلَيْهِ قِثَّاءَةٌ -وَهِيَ الْخِيَارَةُ الْمَعْرُوفَةُ-، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَهَا.

فَقِيلَ: حَرَامٌ هِيَ؟!!

قَالَ: ((لَا، وَلَكِنَّهَا تُرَطِّبُ جَسَدِي)).

وَمَعْلُومٌ أَنَّ كَثْرَةَ الْأَكْلِ دَاعِيَةٌ إِلَى كَثْرَةِ الشُّرْبِ، وَكَثْرَةُ الشُّرْبِ جَالِبَةٌ لِكَثْرَةِ النَّوْمِ، وَكَثْرَةُ النَّوْمِ مُؤَدِّيَةٌ إِلَى قَسَاوَةِ الْقَلْبِ، وَالْقَلْبُ الْقَاسِي النَّارُ أَوْلَى بِهِ.

المصدر:التَّرْشِيدُ فِي حَيَاتِنَا مَوْضُوعَا الْمِيَاهِ، وَالْإِنْفَاقِ فِي رَمَضَانَ أُنْمُوذَجًا

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  مَظَاهِرُ النِّظَامِ فِي كَوْنِ الرَّحْمَنِ
  المَوْعِظَةُ الخَامِسَةَ عَشْرَةَ : ((جُمْلَةٌ مِنْ أُصُولِ الْعَقِيدَةِ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ (2) ))
  مِنْ أَعْظَمِ سُبُلِ بِنَاءِ الِاقْتِصَادِ السَّدِيدِ: اجْتِنَابُ الْمُعَامَلَاتِ الِاقْتِصَادِيَّةِ الْمُحَرَّمَةِ
  عَوَاقِبُ التَّعَدِّي عَلَى النِّظَامِ الْعَامِّ
  مِنْ ثَمَرَاتِ بِرِّ الْأُمِّ: قَضَاءُ الْحَاجَاتِ وَتَفْرِيجُ الْكُرُبَاتِ وَاسْتِجَابَةُ الدَّعَوَاتِ
  جُمْلَةُ حِكَمٍ عَظِيمَةٍ مِنْ تَحْوِيلِ القِبْلَةِ
  مَبْنَى الشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ عَلَى التَّيْسِيرِ
  آمَالُ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- وَالتَّابِعِينَ وَآمَالُنَا!!
  مِنْ سِمَاتِ الشَّخْصِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ: لُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامِهِمْ
  مِنْ أَعْلَى دَرَجَاتِ الْعَطَاءِ لِلْوَطَنِ: الْعَمَلُ الْجَادُّ
  الدرس السادس : «الأَمَانَةُ»
  السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ
  قَضِيَّةُ الْأُمَّةِ وَفَوَائِدُ الْكَلَامِ عَنْهَا
  حُسْنُ مُعَامَلَةِ وَاسْتِقْبَالِ الْوُفُودِ وَحَدِيثِي الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ
  الْأُضْحِيَّةُ سُنَّةُ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ وَسُنَّةُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ
  • شارك