إنَّ مُعْظَمَ أَمْرَاضِنَا هِيَ مُخَالَفَةٌ لِلسُّلُوكِيَّاتِ الصَّحِيحَةِ، أَمْرَاضُنَا فِى جُمْلَتِهَا سُلُوكِيَّاتٌ خَاطِئَةٌ مُخْطِئَةٌ، نُعَانِى فِى مِصْرَ مِنْ مَرَضِ «الْبِلْهَارِسْيَا»، وَهَذَا الْمَرَضُ مَا هُوَ إِلَّا سُلُوكٌ خَاطِئٌ.
 
رَجُلٌ يُخَالِفُ السُّلُوكَ السَّوِيَّ الَّذِى جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ، فَيَتَوَرَّطُ فِى الْمُخَالَفَةِ، وَيَحْدُثُ مَا يَحْدُثُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ آثَارٍ مُدَمِّرَةٍ لِهَذَا السُّلُوكِ الْخَاطِئِ! فَأَمْرَاضُنَا سُلُوكِيَّاتٌ!
 
إِنْسَانٌ يَتَبَوَّلُ أَوْ يَتَبَرَّزُ فِى الْمِيَاهِ رَاكِدَةً أَوْ جَارِيَةً!! قَدْ نَهَى النَّبِيُّ عَنْ ذَلِكَ، وَنَهَى عَنِ الْتَّبَوُّلِ فِى الْمَاءِ الرَّاكِدِ، وَقَالَ النَّبِيُّ: «اتَّقُوا الْمَلاعِنَ الثَّلَاثَ - وَذَكَرَ مِنْهَا-: الْبِرَازَ».
 
يَعْنِي: أَنْ يَتَبَرَّزَ الْإِنْسَانُ فِى ظِلِّ النَّاسِ، وَفِى مَوَارِدِهِمْ، وَفِى الْمِيَاهِ، هَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ، فَإِذَا مَا خُولِفَ وَجَاءَ السُّلُوكُ الْخَاطِئُ الْمُخْطِئُ؛ كَانَتِ الْعَاقِبَةُ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ إِهْدَارٍ لِحَيَوَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَمِنْ إِهْدَارٍ لِمِلْيَارَاتٍ عَظِيمَةٍ،
 
وَمِنْ تَدْمِيرٍ لِطَاقَاتِ بَلَدٍ هِيَ فِى أَمَسِّ الْحَاجَةِ إِلَى كُلِّ ذَرَّةٍ مِنْ قُوَّةٍ، وَإِلَى كُلِّ ذَرَّةٍ مِنَ اقْتِدَارٍ، وَمَعَ ذَلِكَ كُلُّ ذَلِكَ يُهْدَرُ بِسَبَبِ السُّلُوكِ الْخَاطِئِ.
 الْإِنْسَانُ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ!! وَفِى الدِّينِ أَنَّ الشِّمَالَ مَقْصُورَةٌ عَلَى أُمُورٍ مِنَ النَّجَاسَاتِ تُبَاشِرُهَا، وَأَمَّا الْيَمِينُ الَّتِى هِيَ لِلْمُصَافَحَةِ، وَلِلطَّعَامِ وَلِلشَّرَابِ، وَلِلْمُنَاوَلَةِ.
 
هَذِهِ الْيَمِينُ لَا تُبَاشِرُ تِلْكَ النَّجَاسَاتِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ إِنَّمَا عَلَّمَنَا أَنْ يَسْتَنْجِيَ الْإِنْسَانُ، وَأَنْ يَسْتَجْمِرَ، وَأَنْ يُبَاشِرَ النَّجَاسَاتِ الْمُخْتَلِفَةَ بِيُسْرَاهُ.
 
فَهَذِهِ لَا تُصَافِحْ بِهَا، وَلَا تَأْكُلْ بِهَا؛ «إِنَّمَا يَأْكُلُ الشَّيْطَانُ بِشِمَالِهِ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ».
 
وَالنَّبِيُّ نَهَى عَنِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ بِالشِّمَالِ لِهَذَا الْغَرَضِ مِنَ الْمُشَابَهَةِ بِالشَّيْطَانِ، وَلِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِى بِهِ الْعِلْمُ
الَّذِى تُسْتَجَدُّ وَقَائِعُهُ وَمَعْلُومَاتُهُ عَلَى امْتِدَادِ الدُّهُورِ والإعصار.
 الإنْسَانُ يَشْرَبُ مِنَ الْإِنَاءِ فَيَتَنَفَّسُ فِيهِ، فَيُصِيبُ السُّلُّ مِنَ الْمَسْلُولِ كُلَّ شَارِبٍ بَعْدُ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ.
 
 الْمَرْأَةُ تُبَاشِرُ حَلْبَ دَابَّتِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ آخِذَةً بِأُهْبَةِ نَظَافَتِهَا، فَيَأْتِى السُّلُّ، وَتَأْتِى الْأَمْرَاضُ مُخَالِطَةً لِذَلِكَ اللَّبَنِ، ثُمَّ تُوَزَّعُ الْأَمْرَاضُ بَعْدُ عَلَى خَلْقِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مِنَ الْمَسَاكِينِ؛ وَكُلُّ ذَلِكَ بِسَبَبِ سُلُوكٍ خَاطِئٍ.
 
إِذَنْ، هِيَ سُلُوكِيَّاتٌ خَاطِئَةٌ، وَالْأَمْرُ الصَّحِيحُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَصِيرَ سُلُوكًا إِلَّا إِذَا تَحَصَّلْتَ عَلَى الْمَرْحَلَةِ الذِّهْنِيَّةِ الْعَقْلِيَّةِ التَّصَوُّرِيَّةِ، فَيَنْبَغِى أَنْ تَعْرِفَ الْمَعْلُومَةَ بَدْءًا، وَأَنْ تُحِيطَ بِهَا عِلْمًا، وَإِلَّا فَالنَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا.
 
إِذَنْ؛ أَمْرَاضُنَا المَادِيَّةُ الجَسَدِيَّةُ هِيَ فِى جُمْلَتِهَا سُلُوكِيَّاتٌ خَاطِئَةٌ.
 
إِذَنْ، مِنْ أَجْلِ أَنْ يَصِلَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا إِلَى سُلُوكٍ؛ يَنْبَغِى عَلَيْكَ أَنْ تَعْرِفَهُ، وَيَنْبَغِى عَلَيْكَ أَنْ تَنْفَعِلَ بِهِ، ثُمَّ يَنْبَغِى عَلَيْكَ أَنْ تَأْخُذَ بِالْعَزْمِ الْعَازِمِ، وَبِالْأَمْرِ الْكَامِلِ الشَّامِلِ مِنْ أُمُورِ الْقُوَّةِ؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ تُطَبِّقَ دِينَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِى أَرْضِهِ، عَسَى أَنْ نُفْلِحَ وَنَنَجَحَ.