الدُّعَاءُ مِنْ أَكْرَمِ الْأَذْكَارِ عَلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-


((الدُّعَاءُ مِنْ أَكْرَمِ الْأَذْكَارِ عَلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- ))

إِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤمِنِينَ أَنْ يَدْعُوهُ، وَيَطْلُبُوا مِنْهُ مَا أَرَادُوا مِنْ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللهِ مِنَ الدُّعَاءِ)) .

 ((لَيْسَ شَيْءٌ))؛ أَيْ: مِنَ العِبَادَاتِ القَوْلِيَّةِ.

((أَكْرَمَ عَلَى اللهِ)): أَيْ أَفْضَلَ عِنْدَ اللهِ.

فَالدُّعَاءُ عِنْدَ اللهِ أَفْضَلُ وَأَرْفَعُ دَرَجَةً، وَأَعْلَى قَدْرًا؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى قَدْرِهِ تَعَالَى، وَعَلَى الِاعْتِرَافِ بِذَلِكَ، مَعَ اعْتِرَافِ الدَّاعِي بِعَجْزِهِ وَتَبَرِّيهِ مِنْ حَوْلِهِ وَطَوْلِهِ.

((لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللهِ مِنَ الدُّعَاءِ)) أَيْ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الْأَذْكَارِ وَالْعِبَادَاتِ -وَكُلُّ شَيْءٍ يَتَشَرَّفُ فِي بَابِهِ- أَكْثَرَ كَرَامَةً، وَأَعْلَى قَدْرًا، وَأَرْفَعَ دَرَجَةً -فَهُوَ أَحْرَى بِالِاسْتِجَابَةِ وَالقَبُولِ- مِنَ الدُّعَاءِ.

((مِنَ الدُّعَاءِ)) أَيْ: مِنْ سُؤَالِ الْعَبْدِ رَبَّهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ إِظْهَارَ الْعَجْزِ وَالِافْتِقَارِ، وَالتَّذَلُّلِ وَالِانْكِسَارِ، مَعَ الِاعْتِرَافِ بِقُوَّةِ اللهِ وَقُدْرَتِهِ، وَبِغِنَاهُ وَإِغْنَائِهِ، وَكِبْرِيَائِهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، مَعَ تَفْوِيضِ الْأَمْرِ إِلَيْهِ.

وَالدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا خَلَقَ الْخَلْقَ لِأَجْلِ الْعِبَادَةِ؛ لِذَا قَالَ ﷺ: ((الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ)) ، قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].

((الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ)) أَيِ: العِبَادَةُ الْحَقِيقِيَّةُ الَّتِي تَسْتَأْهِلُ أَنْ تُسَمَّى عِبَادَةً؛ لِدَلَالَتِهَا عَلَى الْإِقْبَالِ عَلَى اللهِ، وَالْإِعْرَاضِ عَمَّا سِوَاهُ؛ بِحَيْثُ لَا يَرْجُو العبدُ وَلَا يَخَافُ إِلَّا إِيَّاهُ، قَائِمًا بِوُجُوبِ العُبُودِيَّةِ وَوَاجِبِهَا، مُعْتَرِفًا بِحَقِّ الرُّبُوبِيَّةِ.

 

المصدر:ذِكْرُ اللهِ فِي رَمَضَانَ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  مِنْ سِمَاتِ الشَّخْصِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ: لُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامِهِمْ
  الدرس السادس عشر : «التَّقْوَى»
  صِدْقُ الْعَزِيمَةِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ
  الشَّبَابُ وَحَمْلُ أَمَانَةِ الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-، وَنَمَاذِجٌ مِنْ خَيْرِ الْبَشَرِ
  رِعَايَةُ الْمُسِنِّينَ مِنْ هَدْيِ الْمُرْسَلِينَ -عَلَيْهُمُ السَّلَامُ-
  حَجَّةُ النَّبِيِّ ﷺ كَأَنَّكَ تَرَاهَا
  جُمْلَةٌ مِنْ آدَابِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَسْوَاقِ
  رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي الْمَدِينَةِ
  مِنَ الثَّمَرَاتِ الْعَظِيمَةِ لِلزَّكَاةِ: تَحْقِيقُ التَّكَافُلِ وَالتَّوَازُنِ الْمُجْتَمَعِيِّ
  الحث على بِرِّ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنَ الأَرْحَامِ
  لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ
  اهْتِمَامُ الْإِسْلَامِ بِالطِّفْلِ قَبْلَ وِلَادَتِهِ
  الْعِيدُ وَاجْتِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَنَبْذُ الْخِلَافَاتِ
  ثَمَرَاتُ مُعَامَلَةِ الْخَلْقِ بِالرَّحْمَةِ وَالتَّسَامُحِ
  فَسَادُ الْمُجْتَمَعَاتِ يَكُونُ بِسَبَبِ فَسَادِ الْأَفْرَادِ وَالْأُسَرِ
  • شارك