نِدَاءٌ إِلَى الْمِصْرِيِّينَ بِتَقْدِيمِ مَصْلَحَةِ الْوَطَنِ الْعُلْيَا


 

((نِدَاءٌ إِلَى الْمِصْرِيِّينَ بِتَقْدِيمِ مَصْلَحَةِ الْوَطَنِ الْعُلْيَا))

أَيُّهَا الْمِصْرِيُّونَ! إِنَّ الْمَصْلَحَةَ الْعُلْيَا تَفْرِضُ عَلَيْكُمُ الْآنَ أَنْ تَتْرُكُوا خِلَافَاتِكُمُ الصَّغِيرَةَ، وَتَرْتَفِعُوا فَوْقَ نِزَاعَاتِكُمُ الْقَلِيلَةِ، وَتَصْطَفُّوا خَلْفَ قِيَادَتِكُمُ الْبَصِيرَةِ.

أَيُّهَا الْمِصْرِيُّونَ! تَحَمَّلُوا مَسْئُولِيَّتَكُمْ، وَأَدُّوا أَمَانَتَكُمْ، وَاصْبِرُوا وَصَابِرُوا، وَدَعُوا خِلَافَاتِكُمْ جَانِبًا، وَاجْعَلُوهَا تَحْتَ مَوَاطِئِ أَقْدَامِكُمْ، فَالْأَمْرُ جِدٌّ، وَالظَّرْفُ دَقِيقٌ، وَالْمَخَاطِرُ جَمَّةٌ، وَالطَّرِيقُ وَعْرٌ مَخُوفٌ، وَاللهُ يَرْعَاكُمْ، وَيُسَدِّدُ خُطَاكُمْ، وَيُسَلِّمُكُمْ وَيُسَلِّمُ بَلَدَكُمْ مِنْ كُلِّ سُوءٍ.

وَأَمَّا أَهْلُ الدَّعْوَةِ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَأَقُولُ لَهُمْ:

اتَّقُوا اللهَ، وَاتَّبِعُوا مِنْهَاجَ نَبِيِّكُمْ، وَسَبِيلَ سَلَفِكُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ فِي الْعَقِيدَةِ وَالْعَمَلِ، عَلِّمُوا النَّاسَ مَا يَنْفَعُهُمْ، وَأَرْشِدُوهُمْ إِلَى صَالِحِهِمْ، وَانْشُرُوا الْحُبَّ وَالسَّلَامَ بَيْنَهُمْ.

عَلِّمُوا النَّاسَ مُجْمَلَ الِاعْتِقَادِ، وَكُفُّوا عَنِ الْعَوَامِّ خِلَافَاتِكُمْ، وَارْتَفِعُوا فَوْقَ مَآرِبِكُمُ الْخَاصَّةِ، وَخُصُومَاتِكُمُ الشَّخْصِيَّةِ!!

وَانْظُرُوا الْآنَ إِلَى مَصْلَحَةِ الدِّينِ الْعُلْيَا؛ فَإِنَّ مِصْرَ فِي هَذَا الْعَصْرِ هِيَ حَائِطُ الصَّدِّ لِلْإِلْحَادِ وَالزَّيْغِ وَالتَّكْفِيرِ وَالْإِرْهَابِ وَالْعُنْفِ.

وَوَرَاءَ مِصْرَ فِي هَذَا الْعَصْرِ -كَمَا كَانَ فِي عُصُورٍ خَلَتْ- أَقْطَارٌ وَدُوَلٌ إِسْلَامِيَّةٌ، جَعَلَ اللهُ ثَبَاتَهَا عَلَى الدِّينِ، وَتَمَاسُكَ بُنْيَانِهَا، وَاسْتِقْرَارَ أَهْلِهَا، جَعَلَ اللهُ ذَلِكَ رَهْنًا بِثَبَاتِ مِصْرَ وَتَمَاسُكِهَا وَاسْتِقْرَارِهَا.

فَيَا أَهْلَ الدَّعْوَةِ إِلَى الْإِسْلَامِ! اتَّقُوا اللهَ فِي أُمَّتِكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ وُقُوعَ الْفَوْضَى، وَقَطْعَ السُّبُلِ، وَنَهْبَ الْأَمْوَالِ، وَإِرَاقَةَ الدِّمَاءِ، وَإِزْهَاقَ الْأَرْوَاحِ، وَنَشْرَ الْفَوْضَى، وَبَثَّ الْفَزَعِ، وَالْقَتْلَ عَلَى الْهُوِيَّةِ، كُلُّ ذَلِكَ يَضُرُّ بِالدِّينِ وَلَا يَنْفَعُهُ، وَيُعَطِّلُ الشَّعَائِرَ، وَيَهْدِمُ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ، وَيُؤَصِّلُ لِمَسَاوِيهَا، وَيَزِيدُ الشَّرَّ، وَيُقَلِّلُ الْخَيْرَ!

فَاتَّقُوا اللهَ -مَعَاشِرَ الدُّعَاةِ- وَاجْتَمِعُوا عَلَى السُّنَّةِ، وَاتَّحِدُوا عَلَى التَّوْحِيدِ.

وَيَا مَنْ تَقَرَّحَتْ نُفُوسُهُمْ، وَوَرِمَتْ أُنُوفُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ، وَمِنْ بَعْضِ أَهْلِ الدَّعْوَةِ إِلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ؛ خُصُومَاتُكُمْ شَخْصِيَّةٌ، وَمَآرِبُكُمْ ذَاتِيَّةٌ، وَالدَّعْوَةُ أَجَلُّ جَلَالًا مِنْ أَهْدَافِكُمْ، وَأَعْلَى كَعْبًا مِنْ مَقْصُودِكُمْ وَأَغْرَاضِكُمْ، فَدَعُوا هَذَا جَانِبًا، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا.

يَا أَهْلَ الدَّعْوَةِ إِلَى الْإِسْلَامِ! عَلِّمُوا النَّاسَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ تِجَاهَ وُلَاةِ أُمُورِهِمْ، وَبَيِّنُوا لَهُمْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَآثَارِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ كَيْفِيَّةَ مُعَامَلَةِ حُكَّامِهِمْ، وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يُؤَدُّوا مَا عَلَيْهِمْ، وَيَسْأَلُوا اللهَ الَّذِي لَهُمْ، وَلَا يَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةِ.

أَيُّهَا الدُّعَاةُ! بَصِّرُوا النَّاسَ بِحَقِيقَةِ دِينِهِمْ، وَجَلَالِ مُعْتَقَدِهِمْ، وَسَلَامَةِ مَنْهَجِهِمْ، وَحُثُّوهُمْ عَلَى أَنْ يَعِيشُوا بِالْوَحْيِ؛ فَإِنَّ الْوَحْيَ مَعْصُومٌ.

قُولُوا لِلنَّاسِ: عِيشُوا بِالْوَحْيِ، وَاسْتَعِينُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ، وَلَا يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ عَلَى أَنْ تَطْلُبُوهُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ؛ فَإِنَّ مَا عِنْدَ اللهِ لَا يُنَالُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ.

وَاصْبِرُوا أَيُّهَا الْمِصْرِيُّونَ عَلَى الْمُعَانَاةِ مَعَ حِفْظِ الْأَرْوَاحِ وَالْأَعْرَاضِ، فَهُوَ خَيْرٌ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى الْمُعَانَاةِ مَعَ ضَيَاعِهِمَا.

وَاللهُ يَتَوَلَّاكُمْ، وَيَجْمَعُ شَمْلَكُمْ، وَيُوَحِّدُ كَلِمَتَكُمْ عَلَى الدَّعْوَةِ إِلَى التَّوْحِيدِ وَالِاتِّبَاعِ، وَهُوَ تَعَالَى الْهَادِي إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ.

اللهم احْفَظْ مِصْرَ قِيَادَةً وَشَعْبًا، وَجَيْشًا وَأَمْنًا، وَدِيَارًا وَأَرْضًا وَنَهْرًا، وَأَنْتَ الْحَفِيظُ الْعَزِيزُ.

اللهم احْفَظْ مِصْرَ وَجَمِيعَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْفِتَنِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِ أَبْنَائِهَا، وَوَحِّدْ صَفَّهُمْ، وَسَدِّدْ وُلَاةَ أُمُورِهِمْ، وَوَفِّقْهُمْ لِمَا فِيهِ خَيْرُ الْبِلَادِ وَالْعِبَادِ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

 

المصدر:تَقْدِيمُ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ عَلَى الْخَاصَّةِ وَأَثَرُهَا فِي اسْتِقْرَارِ الْمُجْتَمَعَاتِ وَبِنَاءِ الدُّوَلِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  لَنْ تُوَفِّيَ أَبَوَيْكَ حَقَّهُمَا!!
  خَوْفُ السَّلَفِ مِنَ النِّفَاقِ
  نَمَاذِجُ مِنْ عَفْوِ وَصَفْحِ سَلَفِنَا الصَّالِحِينَ
  اسْتِقْبَالُ الْعَشْرِ بِالِاجْتِهَادِ فِي أَدَاءِ الْحُقُوقِ وَسَدَادِ الدُّيُونِ
  الْآمَالُ وَالْبُشْرَيَاتُ فِي نَصْرِ الْأُمَّةِ وَعَوْدَةِ مَجْدِهَا
  الدرس الثلاثون : «الـــرِّضَــــــــا»
  تَعَلَّمُوا مِنْ دُرُوسِ التَّارِيخِ!
  أَدَبُ خَفْضِ الصَّوْتِ
  الْأَمْرُ بِالتَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى
  المَوْعِظَةُ الْعِشْرُونَ : ((فَضْلُ العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ))
  الزَّكَاةُ مِنْ مَحَاسِنِ دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ
  رِعَايَةُ اللهِ لِيَتَامَى مِنْ خَيْرِ الْبَشَرِ
  الْأَطْفَالُ هِبَةٌ مِنَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَقُرَّةُ عَيْنٍ لِلْأَبَوَيْنِ
  مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ فِي شَهْرِ الْحَصَادِ
  الدَّعْوَةُ إِلَى إِفْرَادِ اللهِ بِالْعِبَادَةِ
  • شارك