تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ عَلَى أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ


((تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ عَلَى أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ))

لَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- يُعَلِّمُونَ الْأَطْفَالَ فِقْهَ الْعِبَادَاتِ، وَيُعَوِّدُونَهُمْ عَلَى أَدَائِهَا؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَرَأَى الْيَهُودَ يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ.

فَكَانَ صِيَامُهُ فَرْضًا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ، فَفِي «الصَّحِيحَيْنِ» عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- -وَانْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ-، قَالَ ﷺ: «أَذِّنْ فِي النَّاسِ: أَنَّ مَنْ كَانَ أَكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ؛ فَإِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ».

وَفِي رِوَايَةِ الرُّبَيِّعِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- : «فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ، وَنَذْهَبُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ -أَيْ: مِنَ الصُّوفِ الْمَنْفُوشِ-، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ إِيَّاهُ عِنْدَ الْإِفْطَارِ».
وَفِي رِوَايَةٍ: «فَإِذَا سَأَلُونَا -تَعْنِي الصِّبْيَانَ- الطَّعَامَ أَعْطَيْنَاهُمُ اللُّعْبَةَ تُلْهِيهِمْ، حَتَّى يُتِمُّوا صَوْمَهُم».

وَهَذَا كُلُّهُ لِتَعْظِيمِ صِيَامِ هَذَا الْيَوْمِ الْمُعَظَّمِ.

وَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ صَارَ صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ مُسْتَحَبًّا، غَيْرَ وَاجِبٍ.

فَتَأَمَّلْ قَوْلَ الرُّبَيِّعِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: ((وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ)).

*وَمِنَ الْعِبَادَاتِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ نُعَلِّمَهَا أَوْلَادَنَا، وَنَأْمُرَهُمْ بِهَا: الصَّلَاةُ: قَالَ اللهُ تَعَالَى: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} [إبراهيم: 40].

*اتَّقُوا اللهَ فِي أَبْنَائِكُمْ وَعَلِّمُوهُمْ صَلَاةَ النَّبِيِّ ﷺ، وَمُرُوهُمْ بِهَا؛ فَقَدْ قَالَ ﷺ: ((مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ, وَاضْرِبُوهُم عَلَيْهَا لِعَشْرٍ, وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي المَضَاجِعِ)) .

مُرُوا أَهْلِيكُمْ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرُوا عَلَيْهَا -اصْطَبِرُوا عَلَى الصَّلَاةِ، لَا عَلَى الْأَهْلِ عِنْدَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، فَهَذَا أَمْرُ اللهِ-.

فَعَلَى مَنْ كَانَ قَائِمًا عَلَى أَهْلِهِ بِالرِّعَايَةِ بِمَا يُرْضِي رَبَّهُ -جَلَّ وَعَلَا- أَنْ يُرَاعِيَهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ، وَأَنْ يُرَاعِيَهُمْ فِي صِيَامِهِمْ، وَأَنْ يُرَاعِيَهُمْ فِي أَسْمَاعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ؛ لِأَنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَعَلَهَا فُرْقَانًا بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ)).

 

المصدر:تَرْبِيَةُ الْأَوْلَادِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّة وَحُقُوقُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  مِنْ مَظَاهِرِ الْإِيجَابِيَّةِ: طَلَبُ الْعِلْمِ وَتَعْلِيمُهُ
  نَصِيحَةٌ غَالِيَةٌ لِلنِّسَاءِ يَوْمَ الْعِيدِ
  مِنْ مُوجِبَاتِ الْعِتْقِ مِنَ النَّارِ فِي رَمَضَانَ: الصَّدَقَاتُ وَالْجُودُ
  وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ الْخَمْرِ
  جُمْلَةٌ مِنْ أَمْثِلَةِ النِّفَاقِ الْعَمَلِيِّ
  فَضْلُ قَضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ
  مَعَانِي الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ وَحُكْمُهُمَا
  اللهُ لَا يُخْزِي مَنْ يُسَاعِدُ النَّاسَ
  ((ابْتُلِيَ بِالْعَادَةِ السِّرِّيَّةِ وَلَمْ يَسْتَطِعْ تَرْكَهَا؟!!)) الشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله
  الْأَمَلُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ
  مُوَاسَاةُ الْمُحْتَاجِينَ وَمُسَاعَدَتُهُمْ بِالصَّدَقَاتِ
  خُطُورَةُ تَغْيِيبِ وَعْيِ أَبْنَاءِ الْأُمَّةِ
  التَّرْشِيدُ فِي حَيَاتِنَا.. وَالْمَاءُ مِثَالٌ
  الْمَوْعِظَةُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ : ((رَمَضَانُ وَمُحَاسَبَةُ النَّفْسِ))
  حَالُ النَّبِيِّ ﷺ وَأَصْحَابِهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ وَتِلَاوَتِهِ
  • شارك