مَعَالِمُ الرَّحْمَةِ فِي خُطْبَةِ الْوَدَاعِ


 ((مَعَالِمُ الرَّحْمَةِ فِي خُطْبَةِ الْوَدَاعِ))

النَّبِيُّ ﷺ -عِبَادَ اللهِ- لَمْ يَحُجَّ إِلَّا حَجَّةً وَاحِدَةً، وَقَدْ قَدَّمَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بَيْنَ هَذِهِ الْحَجَّةِ الْعَظِيمَةِ الْأَذَانَ مِنْهُ -جَلَّ وَعَلَا- بِأَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ، وَالْمُؤْمِنُونَ يَبْرَؤُونَ وَيَتَبَرَّؤُونَ مِمَّنْ تَبَرَّأَ مِنْهُمُ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-، وَمِمَّنْ بَرِئَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ.

وَالنَّبِيُّ ﷺ فِي تَلْكَ الْحَجَّةِ أَعْلَنَ اضْمِحْلَالَ الشِّرْكِ فِي هَذَا الْوُجُودِ، وَأَعْلَنَ ﷺ رَفْعَ رَايَةِ التَّوْحِيدِ.

وَحَضَّ النَّبِيُّ ﷺ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْفِعْلِ وَبِالْقَوْلِ عَلَى اجْتِمَاعِ الْأُمَّةِ، وَحَذَّرَ مِنْ تَفْرِقَةِ صُفُوفِهَا وَأَبْنَائِهَا، فَإِنَّ أَعْظَمَ مَظْهَرٍ يَتَجَلَّى فِيهِ وَحْدَةُ الْمُسْلِمِينَ وَاجْتِمَاعُهُمْ مَا يَكُونُ مِنَ اجْتِمَاعِهِمْ فِي صَعِيدِ عَرَفَاتٍ فِي يَوْمِ عَرَفَاتٍ.

فَهَذَا مَظْهَرٌ عَمَلِيٌّ صَارِخٌ وَدَامِغٌ لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ هَذِهِ الْأُمَّةَ، وَأَنْ يُشَتِّتَ جُهُودَ أَبْنَائِهَا.

وَالنَّبِيُّ ﷺ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ دَلَّ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا مُوَدِّعًا لِلْأُمَّةِ، وَمُرْسِيًا لِلْأُسُسِ وَالْقَوَاعِدِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يَكْفُلُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لِلْأُمَّةِ -إِنْ تَمَسَّكَتْ بِهَا- عِزَّهَا وَمَجْدَهَا، وَظُهُورَهَا وَارْتِفَاعَهَا.

الرَّسُولُ ﷺ فِي هَذَا الْمَوْقِفِ لَمْ يَخْتَرْ لَهُمْ صِفَةً سِوَى الصِّفَةِ الَّتِي تَجْمَعُهُمْ أَجْمَعِينَ، فَلَمْ يُخَاطِبْهُمْ بِصِفَةِ الْإِسْلَامِ وَهِيَ مَوْفُورَةٌ لَدَيْهِمْ، وَلَا بِوَصْفِ الْإِيمَانِ وَهُوَ مَقْصُورٌ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّمَا أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ! مَعَاشِرَ النَّاسِ! وَهُوَ مُنَادًى -كَمَا تَعْلَمُ- عَلَى الْإِضَافَةِ؛ لِذَا وَقَعَ عَلَى هَذَا النَّحْوِ: مَعَاشِرَ النَّاسِ!

لَمْ يَخْتَرْ لَهُمْ إِلَّا وَصْفَ الْإِنْسَانِيَّةِ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ؛ لِأَنَّ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ جَعَلَ مُحَمَّدًا ﷺ وَاقِفًا مِنْ صُبْحِ الْغَدِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ بِمِنًى، يَخْطُبُ النَّاسَ يَقُولُ: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ!.. ))، يَا أَيُّهَا النَّاسُ! بِدِينِ السَّلَامِ رَغْمَ أَنْفِ الْمُعَانِدِينَ، بِدِينِ السَّلَامِ رَغْمَ أَنْفِ الْمُشَوِّهِينَ، بِدِينِ السَّلَامِ وَلَا دِينَ لِلسَّلَامِ إِلَّا دِينُ الْإِسْلَامُ.

يَقُولُ: ((أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا))

 

المصدر:مَعَالِمُ الرَّحْمَةِ فِي خُطْبَةِ الْوَدَاعِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  مَعْنَى الْكَلِمَةِ وَبَيَانُ أَصْلِهَا وَمَعْدِنِهَا
  حُسْنُ مُعَامَلَةِ النَّبِيِّ ﷺ لِخَدَمِهِ وَشَفَقَتُهُ بِهِمْ
  تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ عَلَى التَّوْحِيدِ
  رَمَضَانُ مَدْرَسَةٌ تُعَلِّمُ الطَّاعَاتِ وَتُهَذِّبُ الْأَخْلَاقَ
  هَدَفُ الْيُهُودِ الْخَبِيثُ: هَدْمُ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى
  مِصْرُ الْغَالِيَةُ صَخْرَةُ الْإِسْلَامِ
  عِظَمُ شَأْنِ الْأَمَانَةِ وَخُطُورَةُ رَفْعِهَا
  رِسَالَةٌ أَخِيرَةٌ مُهِمَّةٌ وَجَامِعَةٌ إِلَى الأُمَّةِ المِصْرِيَّةِ خَاصَّةً
  تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ عَلَى حُبِّ تَعَلُّمِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّة
  أَقْبِلُوا عَلَى ذِكْرِ اللهِ!
  أَسْبَابُ تَحْصِيلِ مَعِيَّةِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الْخَاصَّةِ
  مُوَاسَاةُ الْمُحْتَاجِينَ وَمُسَاعَدَتُهُمْ بِالصَّدَقَاتِ
  الْإِحْسَانُ إِلَى الْأَيْتَامِ وَرِعَايَتُهُمْ
  انْتِصَارَاتُ الْجَيْشِ الْمِصْرِيِّ بَيْنَ الْمَاضِي وَالْحَاضِ
  الشَّائِعَاتُ سِلَاحُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُغْرِضِينَ
  • شارك