أَمَانَةُ الْكَلِمَةِ وَرِسَالَةٌ قَوِيَّةٌ إِلَى الْإِعْلَامِيِّينَ!!


 ((أَمَانَةُ الْكَلِمَةِ وَرِسَالَةٌ قَوِيَّةٌ إِلَى الْإِعْلَامِيِّينَ!!))

إِنَّ الْعَامِلِينَ فِي وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ مِنْ أَفْرَادٍ وَمَسْؤُولِينَ يُمَارِسُونَ دَوْرًا مِنْ أَخْطَرِ الْأُمُورِ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَيَنْبَغِي عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ -جَلَّ وَعَلَا-؛ لِيُوَفِّقَهُمُ اللهُ إِلَى مَرَاضِيهِ.

وَأَوَّلُ ذَلِكَ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِعْلَامِيِّ أَنْ يَسْتَشْعِرَ عَظِيمَ الْأَمَانَةِ الْمُلْقَاةِ عَلَى عَاتِقِهِ، وَأَنَّهُ عَلَى ثَغْرٍ عَظِيمٍ، فَلْيُخْلِصْ لِلَّهِ قَصْدَهُ، وَلْيَجْتَهِدْ فِي مُوَافَقَةِ مَرْضَاتِهِ.

وَعَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وَيَزِيدُ الْأَمْرُ فِي حَقِّ الْإِعْلَامِيِّ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ يَصِلُ إِلَى شَرِيحَةٍ كَبِيرَةٍ، وَيَتَأَثَّرُ بِهِ أُنَاسٌ كَثِيرُونَ.

وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119].

وَالنَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: ((عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا)) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظٌ لِمُسْلِمِ.

وَلْيَحْذَرِ الْإِعْلَامِيُّونَ مِنَ الْكَذِبِ أَشَدَّ الْحَذَرِ تَحْتَ أَيِّ ذَرِيعَةٍ، سَوَاءٌ بِذَرِيعَةِ الْفَوْزِ بِالسَّبْقِ الْإِعْلَامِيِّ كَمَا يُقَالُ أَوْ لِغَيْرِهِ مِنَ الذَّرَائِعِ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَكْذِبُ.

يَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: ((وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.

وَلَا يُعْفَى الْإِعْلَامِيُّ الْمُسْلِمُ أَنْ يَنْقُلَ كَلَامَ الْغَيْرِ بِلَا تَحَرٍّ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((بِئْسَ مَطِيَّةُ الْقَوْمِ [زَعَمُوا])) .

وَفِي رِوَايَةٍ: ((بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا)).

وَعَلَى الْإِعْلَامِيِّ الْمُسْلِمِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى التَّثَبُّتِ مِنَ الْأَخْبَارِ، فَلَيْسَ كُلُّ مَا يُقَالُ حَقًّا، وَلَا كُلُّ مَا يُنْشَرُ صِدْقًا، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6].

وَعَلَى الْإِعْلَامِيِّ أَنْ يَأْخُذَ بِالتَّأَنِّي فِي التَّعَاطِي مَعَ الْأُمُورِ الْعِظَامِ مِمَّا تَتَعَلَّقُ بِهِ مَصْلَحَةٌ عُظْمَى لِلْأُمَّةِ، فَلَيْسَ كُلُّ مَا يُعْلَمُ فِي هَذَا الْبَابِ يُقَالُ وَلَوْ كَانَ حَقًّا وَصِدْقًا.

يَقُولُ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83].

فَالطَّرِيقُ الشَّرْعِيُّ عِنْدَ وُرُودِ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ؛ سَوَاءٌ كَانَ الْأَمْرُ يَتَعَلَّقُ بِأَمْنٍ أَوْ خَوْفٍ، أَنْ يُرَدَّ إِلَى أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنَ الرُّؤَسَاءِ وَالْعُلَمَاءِ، فَمَا رَأَوُا الْمَصْلَحَةَ فِي نَشْرِهِ وَإِذَاعَتِهِ نُشِرَ، وَمَا رَأَوُا الْمَصْلَحَةَ فِي عَدَمِ نَشْرِهِ لَا يُنْشَرُ؛ حِفَاظًا عَلَى دِينِ النَّاسِ وَأَمْنِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ.

وَالنَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ)) .

وَالَّذِي يُقَدِّرُ الْخَيْرَ مِنْ عَدَمِهِ فِي الْأُمُورِ الْعِظَامِ هُمْ أُولُو الْأَمْرِ، فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِمْ فِيهَا.

وَالْإِعْلَامِيُّ الْمُسْلِمُ لَا تَقْتَصِرُ مُهِمَّتُهُ عَلَى نَقْلِ الْخَبَرِ مِنْ هُنَا وَهُنَاكَ، وَلَا تَقِفُ مَسْؤُولِيَّتُهُ عِنْدَ تَحْلِيلِ الْأَخْبَارِ، كَلَّا؛ بَلْ رِسَالَةُ الْإِعْلَامِيِّ الْمُسْلِمِ تَذْهَبُ إِلَى مَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ هَذَا بِكَثِيرٍ، فَالْإِعْلَامِيُّ يَحْمِلُ أَعْظَمَ رِسَالَةٍ إِعْلَامِيَّةٍ يَحْمِلُهَا إِعْلَامِيٌّ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا عِنْدَمَا يَكُونُ مُسْلِمًا، إِنَّهَا رِسَالَةُ الْإِسْلَامِ الَّتِي يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَسْعَى فِي إِبْلَاغِهاَ؛ كُلٌّ عَلَى حَسَبِ قُدْرَتِهِ وَاسْتِطَاعَتِهِ.

قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً)) . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.

وَنَشْرُ الْإِعْلَامِيِّ الْمُسْلِمِ لِعِلْمِ الْعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ وَبَثُّهُ فِي النَّاسِ؛ لِيُعَرِّفَهُمْ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللهِ تَعَالَى وَمَا لَا يَجُوزُ لَهُمْ فِعْلُهُ وَيَرْسُمُ لَهُمُ الْمَنْهَجَ الصَّحِيحَ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِحَسَبِهِ.

كُلُّ هَذَا وَاجِبٌ عَلَى الْإِعْلَامِيِّ الْمُسْلِمِ، وَهِيَ رِسَالَةٌ سَامِيَةٌ لَا يُمْكِنُ لِغَيْرِ الْإِعْلَامِيِّ الْمُسْلِمِ أَنْ يَصِلَ لِدَرَجَتِهَا وَلَا يُدَانِيَهَا مَهْمَا كَانَتْ رِسَالَتُهُ الْإِعْلَامِيَّةُ.

الْإِعْلَامُ يَجِبُ أَنْ يَبُثَّ صُورَةً مُشْرِقَةً وَصَحِيحَةً لِلدِّينِ الَّذِي يَنْتَسِبُ إِلَيْهِ، وَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ خَالِيًا مِنَ الْمُنْكَرَاتِ الْعَقَدِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ وَالْأَخْلَاقِيَّةِ، وَأَنْ يَكُونَ قُدْوَةً لِغَيْرِهِ فِي نَشْرِ الْخَيْرَاتِ، كَمَا قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور: 19].

وَيَقُولُ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2].

وَفِي حَالِ الْفِتَنِ وَالْمِحَنِ وَاشْتِدَادِ الْأُمُورِ وَاضْطِرَابِهَا؛ يَكُونُ لِلْإِعْلَامِ وَقْعٌ كَبِيرٌ وَدَوْرٌ عَظِيمٌ فِي تَسْيِيرِ الْأَحْدَاثِ.

وَهَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ فِي عَصْرِنَا هَذَا، الَّذِي بَاتَ الْإِعْلَامُ فِي حَالِ الْمُدْلَهِمَّاتِ وَعَظَائِمِ الْأُمُورِ؛ يُؤَثِّرُ تَأْثِيرًا بَالِغًا فِي نُفُوسِ النَّاسِ، بِإِثَارَتِهَا أَوْ تَثْبِيطِهَا، بِتَخْوِيفِهَا أَوْ تَأْمِينِهَا؛ لِذَا كَانَ الْوَاجِبُ الْحَذَرَ فِي التَّعَاطِي مَعَ الْأَحْدَاثِ الْجَسِيمَةِ، فَلَا تَنْقُلْ مَا يُثَبِّطُ الْمُسْلِمِينَ وَيَفُتُّ فِي عَضُدِهِمْ، وَلَا مَا يُثِيرُهُمْ وَيُرْجِفُ بِهِمْ، فَإِنَّ هَذَا مُحَرَّمٌ، وَقَدْ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ أُنَاسٌ يَسْتَغِلُّونَ الْأَحْدَاثَ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ، فَفَضَحَ اللهُ أَمْرَهُمْ وَتَوَعَّدَهُمْ.

قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ ۗ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا ۚ لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [التوبة: 81].

وَقَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلا مَّلْعُونِينَ ۖ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا} [الأحزاب: 60].

فَمَا هُوَ مَوْقِفُ الْإِعْلَامِ مِنَ الْأَحْدَاثِ الْجِسَامِ الَّتِي تُؤَثِّرُ فِي الْأُمَّةِ؟!!

إِنَّ مَوْقِفَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْقِفَ الْمُؤْمِنِ الثَّابِتِ، فَالْوَاجِبُ أَنْ يُوَجَّهَ الْإِعْلَامُ لِتَقْوِيَةِ الْإِيمَانِ فِي نُفُوسِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَعْزِيزِ تَعَلُّقِهِمْ بِرَبِّهِمْ وَتَوَكُّلِهِمْ عَلَيْهِ.

فَهَذِهِ بَعْضُ الضَّوَابِطِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ يُرَاعِيَهَا الْإِعْلَامِيُّ، وَأَنْ يَتَّقِيَ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِي أُمَّتِهِ.

وَيُقَالُ لِجَمِيعِ هَؤُلَاءِ: لَئِنِ احْتَفَلَ غَيْرُكُمْ وَفَرِحُوا وَتَفَاخَرُوا بِسُرْعَةِ نَقْلِ الْأَخْبَارِ صَادِقًا أَوْ كَاذِبًا، مُصِحًّا أَوْ مُسْقِمًا، لَئِنْ تَبَجَّحُوا بِنَشْرِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ بِصُنُوفِهِ؛ فَإِنَّهُ حَقِيقٌ بِكُمْ -أَيُّهَا الْإِعْلَامِيُّونَ- أَنْ تَرْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ بِهَذَا الدِّينِ الْقَوِيمِ، الَّذِي يَبْنِي إِعْلَامًا صَادِقًا مُخْلِصًا مُقَرِّرًا لِلْحَقِّ، دَاحِضًا لِلْبَاطِلِ، نَاشِرًا لِلْفَضِيلَةِ، مُحَارِبًا لِلرَّذِيلَةِ، يَسْتَمِدُّ تَعَالِيمَهُ وَضَوَابِطَهُ مِنَ الْوَحْيِ الصَّادِقِ مِنْ كِتَابِ اللهِ وَمِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ.

وَكُلُّ خَبَرٍ يَنْشُرُهُ الْإِنْسَانُ مِمَّا يُثِيرُ الْفِتْنَةَ أَوِ الْغَوغَاءَ, أَوْ يُثِيرُ التَّسَخُّطَ, أَوْ يُسَبِّبُ شَتْمًا أَوْ أَذِيَّةً لِأَيِّ إِنْسَانٍ بَغَيْرِ وَجْهِ حَقٍّ, أَوْ يُنَبِّهُ بَعْضَ النَّاسِ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبوَابِ الشَّرِّ كَانُوا عَنْهُ غَافِلِينَ, لَا يُجُوزُ نَشْرُهُ، وَنَاشِرُهُ آثِمٌ, يَحْمِلُ إِثْمَ كُلِّ مَا تَسَبَّبَ بِهِ خَبَرُهُ.

وَاللهُ تَعَالَى ذَمَّ كُلَّ نَاشِرٍ  لِلْأَخْبَارِ الَّتِي تُزَعْزِعُ أَمْنَ النَّاسِ, وَتُثِيرُ الْخَوفَ وَتَدْعُوا إِلَى الْفَوْضَى فِي الْمُجْتَمَعِ؛ لِأَنَّ السُّوقَةَ وَعَامَّةَ النَّاسِ لَا يَصْلُحُونَ لِمِثْلِ هَذِهِ الْأُمُور, وَلَا لِأُمُورِ السِّيَاسَةِ, وَلَيْسَ لِعَامَّةِ النَّاسِ أَنْ يَلُوكُوا أَلسِنَتَهُمْ بِسِيَاسَةِ وُلَاةِ الْأُمُورِ.

السِّيَاسَةُ لَهَا نَاسُهَا, وَلَوْ أَنَّ السِّيَاسَةَ صَارَتْ تُلَاكُ بَيْنَ أَلسُنِ عَامَّةِ النَّاسِ لَفَسَدَتِ الدُّنْيَا؛ لِأَنَّ الْعَامِّيَّ لَيْسَ عِنْدَهُ عِلْمٌ وَلَيْسَ عِنْدَهُ عَقْلٌ.

الْعَامَّةُ لَيْسُوا كَأُولِي الْأَمْرِ وَأُولِي الرَّأْيِ وَالْمَشُورَةِ, فَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي السِّيَاسَةِ مِنَ الْمَجَالَاتِ الْعَامَّةِ الَّتِي يَتَكَلَّمُ فِيهَا أَفْرَادُ الْمُجْتَمَعِ جَمِيعًا!!

مَن أَرَادَ أَنْ تَكُونَ الْعَامَّة مُشَارِكَةً لِوُلَاةِ الْأُمُور فِي سِيَاسَتِهَا وَفِي رَأْيِهَا وَفِكْرِهَا؛ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا, وَخَرَجَ عَنْ هَدْيِ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-.

هَذَا يَدُلُّ علَى أنَّ الإنسَانَ لَا يَنبَغِي لهُ أنْ يَكُونَ مُذِيعًا, كُلَّمَا سَمِعَ عَن خَبَرٍ مِن خَوفٍ أَوْ أَمنٍ أَذَاعَهُ, بَلْ قَد يَكُونُ مِن الخَيرِ أَنْ يَكتُمَ هَذا الخَبرَ الذِي حَصَل.

إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَنَا بِحِفْظِ مَنْطِقِنَا وَبحِفْظِ أَلْسِنَتِنَا.

فَأَمْسِكْ لِسَانَكَ, وَاتَّقِ اللهَ رَبَّكَ, وَخَفْ عَلَى بَلَدِكَ.

 

 

المصدر:أَمَانَةُ الْكَلِمَةِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  فَضَائِلُ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ
  الْمَوْعِظَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ : ((فَضَائِلُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ))
  مَعْنَى مُحَاسَبَةِ النَّفْسِ وَحَقِيقَتُهَا
  الْإِسْلَامُ دِينُ الِاعْتِدَالِ وَالْوَسَطِيَّةِ وَالِاسْتِقَامَةِ
  مِنْ حُقُوقِ الطِّفْلِ فِي الْإِسْلَامِ: الرَّضَاعَةُ
  فَوَائِدُ مِنْ دَوْرَةِ الْإِمَامِ الطَّبَرِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ-
  حُكْمُ مَانِعِ الزَّكَاةِ
  مِنْ مَظَاهِرِ الْإِيجَابِيَّةِ: رِعَايَةُ الْأَهْلِ وَتَعْلِيمُهُمْ
  قِبْلَةُ المُسْلِمِينَ خَيْرُ القِبَلِ وَعِظَمُ شَرَفِ مَكَّةَ
  سُبُلُ تَحْقِيقِ خَيْرِيَةِ الْأُمَّةِ وَاسْتِعَادَةِ رِيَادَتِهَا الْآنَ
  اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
  ثَمَرَاتُ الْعَمَلِ الْجَمَاعِيِّ الْمَشْرُوعِ وَفَوَائِدُهُ
  وُجُوبُ شُكْرِ نِعْمَةِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
  خُطُورَةُ النِّفَاقِ وَالْمُنَافِقِينَ عَلَى الْأُمَّةِ
  رِسَالَةُ الْمُسْلِمِينَ: دَعْوَةُ الْعَالَمِ إِلَى التَّوْحِيدِ بِالرَّحْمَةِ وَالْعَدْلِ
  • شارك