حُسْنُ خُلُقِ النَّبِيِّ ﷺ فِي أَعْيُنِ أَتْبَاعِهِ


((حُسْنُ خُلُقِ النَّبِيِّ ﷺ فِي أَعْيُنِ أَتْبَاعِهِ))

عِبَادَ اللهِ! النَّبِيُّ ﷺ تَبْكِي فِيهِ الْبَاكِيَةُ الْقِيَمَ.. الْمُثُلَ.. الْأَخْلَاقَ.. تَبْكِي فِيهِ الْبَاكِيَةُ قِيَمًا وَمُثُلًا وَأَخْلَاقًا، وَحَاضِنَتُهُ وَأُمُّهُ مِنْ بَعْدِ أُمِّهِ أُمُّ أَيْمَنَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- لَمَّا انْتَقَلَ إِلَى الرَّفِيقِ الْأَعْلَى ذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَزُورَانِهَا كَمَا كَانَ النَّبِيُّ يَفْعَلُ فِي حَيَاتِهِ ﷺ، فَلَمَّا دَخَلَا عَلَيْهَا وَكَانَا عِنْدَهَا بَكَتْ، فَقَالَا لَهَا: ((مَا يُبْكِيكِ يَا أُمَّ أَيْمَنَ؟! أَوَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ مَا عِنْدَ اللهِ -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ- هُوَ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ ﷺ؟!)).

فَقَالَتْ: ((أَمَا إِنِّي لَا أَبْكِي أَنِّي لَا أَعْلَمُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللهِ -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ- هُوَ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ، وَلَكِنِّي أَبْكِي انْقِطَاعَ وَحْيِ السَّمَاءِ عَنِ الْأَرْضِ، فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ)) .

تَبْكِي قِيَمًا قَدْ تَأَصَّلَتْ فَذَهَبَ رَسْمُهَا الظَّاهِرُ وَالْمُتَكَلِّمُ بِاسْمِهَا عَلَنًا، وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ تَأَصَّلَتْ وَتَجَذَّرَتْ.. وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ ثَبَتَتْ وَرَسَتْ.. وَأَمَّا هِيَ فَتَزُولُ الْجِبَالُ الرَّاسِيَاتُ وَلَا تَزُولُ، وَتَتَحَوَّلُ النُّجُومُ عَمَّا تَجْرِي فِيهِ وَلَا تَتَحَوَّلُ، وَلَكِنَّ النَّبِيَّ ﷺ ظِلُّهُ مِنْ عَيْنَيْهَا قَدْ فُقِدَ، فَتَقُولُ: ((إِنَّمَا أَبْكِي انْقِطَاعَ وَحْيِ السَّمَاءِ عَنِ الْأَرْضِ))، فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-.

 

فِي أُحُدٍ؛  قَدْ أُصِيبَ فِيمَنْ أُصِيبَ وَقُتِلَ شَهِيدًا فَذَهَبَ إِلَى رَبِّهِ حَمِيدًا مَنْ أُصِيبَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-، وَخَرَجَ النَّاسُ يَسْتَقْبِلُونَ الطَّلَائِعَ لَا انْكِسَارَ فِيهَا وَلَا عِوَجَ وَلَا أَمْتَ، امْرَأَةٌ فِي الْمَعْرَكَةِ أُبُوهَا وَأَخُوهَا وَزَوْجُهَا، فَكُلَّمَا لَقِيَهَا لَاقٍ قَالَ: يَا أَمَةَ اللهِ! احْتَسِبِي عِنْدَ اللهِ أَخَاكِ! تَسْتَرْجِعُ ثُمَّ تَقُولُ: مَا فَعَلَ الرَّسُولُ ﷺ؟!

فَيَقُولُ قَائِلٌ: احْتَسِبِي عِنْدَ اللهِ أَبَاكِ! فَتَقُولُ: إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، مَا فَعَلَ الرَّسُولُ؟!

احْتَسِبِي عِنْدَ اللهِ زَوْجَكِ! إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَلَكِنْ مَا فَعَلَ الرَّسُولُ؟!

يَقُولُونَ: هُوَ بِحَمْدِ اللهِ سَالِمٌ.

تَقُولُ: ((الْحَمْدُ لِلهِ، كُلُّ خَطْبٍ دُونَكَ يَا رَسُولَ اللهِ جَلَلٌ)) .

وَ(جَلَلٌ) مِنْ أَلْفَاظِ الْأَضْدَادِ؛ عَظِيمٌ وَقَلِيلٌ فِي آنٍ عَلَى حَسَبِ السِّيَاقِ فِي الِاسْتِعْمَالِ، فَأَمَّا هَاهُنَا: فَكُلُّ خَطْبٍ دُونَكَ يَا رَسُولَ اللهِ جَلَلٌ؛ لَا شَيْءَ، ذَهَبَ أَبٌ وَأَخٌ وَزَوْجٌ بَعْلٌ مُقَارِبٌ مُقَارَبٌ حَبِيبٌ إِلَى الْقَلْبِ، عَزِيزٌ عَلَى النَّفْسِ، لَائِطٌ بِالْكَبِدِ، وَلَكِنْ أَأُصِيبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَمْ لَمْ يُصَبْ؟!

هُوَ بِحَمْدِ اللهِ سَالِمٌ غَانِمٌ قَافِلٌ آتٍ ﷺ.

تَقُولُ: كُلُّ خَطْبٍ دُونَكَ يَا رَسُولَ اللهِ جَلَلٌ؛ قَلِيلٌ لَا قِيمَةَ لَهُ.

 

 

المصدر: التَّأَسِّي بِأَخْلَاقِ الرَّسُولِ الْكَرِيمِ ﷺ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  اتَّقُوا اللهَ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ!
  مِنْ أَعْظَمِ صِفَاتِ النَّبِيِّ ﷺ وَأُمَّتِهِ الرَّحْمَةُ
  ثَمَرَاتُ حُسْنِ الْخُلُقِ
  مِنْ حُقُوقِ الطِّفْلِ فِي الْإِسْلَامِ: الْعَدْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِخْوَتِهِ
  مُخْتَصَرُ أَحْكَامِ الْأُضْحِيَةِ
  قَبُولُ الْهَدِيَّةِ تِلْقَاءَ شَفَاعِتِكَ لِأَخِيكَ رِبَا؛ فَانْتَبِهْ!
  الْحَثُّ عَلَى الْعَمَلِ الْجَمَاعِيِّ الْمَشْرُوعِ فِي الْإِسْلَامِ
  الْعُلُومُ وَالْأَعْمَالُ النَّافِعَةُ الْعَصْرِيَّةُ دَاخِلَةٌ فِي الدِّينِ الْإِسْلَامِيِّ
  مِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْهِجْرَةِ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ
  الْجَمَاعَاتُ الْخَارِجِيَّةُ الْإِرْهَابِيَّةُ وَإِضْعَافُ الْأُمَّةِ
  رِقَابَةُ السِّرِّ وَالضَّمِيرِ مِنْ سُبُلِ تَفْرِيجِ الْكُرُبَاتِ
  الِاسْتِعْدَادُ لِرَمَضَانَ لَا يَكُونُ بِالْإِسْرَافِ!!
  دَلَائِلُ أَهَمِّيَّةِ الطَّهَارَةِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ
  كُنْ بَارًّا بِوَطَنِكَ وَفِيًّا لَهُ!!
  وِقَايَةُ الْأَوْلَادِ مِنَ النَّارِ بِتَعْلِيمِهِمُ الِاعْتِقَادَ الصَّحِيحَ
  • شارك