النَّبِيُّ ﷺ الْأُسْوَةُ الْحَسَنَةُ فِي الْعَفْوِ وَالصَّفْحِ


 ((النَّبِيُّ ﷺ الْأُسْوَةُ الْحَسَنَةُ فِي الْعَفْوِ وَالصَّفْحِ))

لَقَدْ كَانَ إِمَامُ الْأَنْبِيَاءِ ﷺ فِي ((حُسْنِ الْخُلُقِ)) عَلَى الْقِمَّةِ الشَّامِخَةِ، وَفَوْقَ الْغَايَةِ وَالْمُنْتَهَى، فَكَانَ كَمَا قَالَ عَنْهُ رَبُّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4].

عَنْ جَابِرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قِبَلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَفَلَ مَعَهُ -أَيْ: رَجَعَ مَعَهُ-، فَأَدْرَكَتْهُمُ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ -وَالْعِضَاهُ: نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الشَّجَرِ- فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْعِضَاهِ، يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تَحْتَ سَمُرَةٍ؛ فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ.

قَالَ جَابِرٌ: فَنِمْنَا نَوْمَةً، ثُمَّ إِذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدْعُونَا، فَجِئْنَاهُ، فَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ جَالِسٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ((إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا، فَقَالَ لِي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُ)).

فَهَا هُوَ جَالِسٌ، ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، قَالَ: ((كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ، فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةٍ، نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عُنُقِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ.

ثُمَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ! مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

جَبَذَهُ: جَذَبَهُ.

وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: ((مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شِيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللهِ فَيَنْتَقِمَ لِلهِ -عَزَّ وَجَلَّ-)). أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: ((مَا رُزِقَ عَبْدٌ خَيْرًا لَهُ وَلَا أَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)) . أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.

وَعَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: ((كَأنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

المصدر: عَفْوُ اللهِ الْكَرِيمِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  التَّعْلِيمُ وَاجِبٌ شَرْعِيٌّ لِرَفْعِ شَأْنِ الْوَطَنِ الْإِسْلَامِيِّ
  الِاجْتِهَادُ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي الْعَشْرِ
  بَيَانُ مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ
  دَوْرُ الْأُسْرَةِ الْمُجْتَمَعِيِّ
  جُمْلَةٌ مِنْ فَضَائِلِ الصَّوْمِ
  مِنْ مَظَاهِرِ الْإِيجَابِيَّةِ لِلْحِفَاظِ عَلَى الْأَوْطَانِ: الْعِلْمُ وَالْعَمَلُ بِعَقِيدَةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي حُقُوقِ الْحُكَّامِ
  النَّبِيُّ ﷺ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي الْبِرِّ وَالْوَفَاءِ
  تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ عَلَى حَمْلِ أَمَانَةِ دِينِهِ وَأُمَّتِهِ
  مُوجَزُ تَارِيخِ الْقُدْسِ الْعَرَبِيَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ
  حِكْمَةُ اللهِ فِي اسْتِخْلَافِهِ الْإِنْسَانَ فِي الْأَرْضِ
  بَعْضُ صُوَرِ أَكْلِ السُّحْتِ فِي زَمَانِنَا!!
  مِنْ أَبْوَابِ الْعَمَلِ التَّطَوُّعِيِّ: زِرَاعَةُ الْأَشْجَارِ، وَسَقْيُ الْمَاءِ
  الْعَدْلُ وَالْفَضْلُ مُجَسَّدَانِ فِي النَّبِيِّ ﷺ
  مَنْزِلَةُ الزَّكَاةِ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ
  الْوَطَنِيَّةُ فِي الْإِسْلَامِ
  • شارك