نَمَاذِجُ مِنْ عَفْوِ وَصَفْحِ سَلَفِنَا الصَّالِحِينَ


((نَمَاذِجُ مِنْ عَفْوِ وَصَفْحِ سَلَفِنَا الصَّالِحِينَ))

وَهَذِهِ نَمَاذِجُ مُضِيئَةٌ فِي الْعَفْوِ وَالصَّفْحِ مِنْ سِيَرِ سَلَفِنَا الصَّالِحِينَ؛ فَقَدْ شَتَمَ رَجُلٌ عُمَرَ بْنَ ذَرٍّ -رَحِمَهُ اللهُ-، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: «يَا هَذَا! إِنِّي قَدْ أَمَتُّ مُشَاتَمَةَ الرِّجَالِ صَغِيرًا، فَلَنْ أُحْيِيَهَا كَبِيرًا، وَأَنَا لَا أُكَافِئُ مَنْ عَصَى اللهَ فِيَّ بِأَكْثَرَ مِنْ أَنْ أُطِيعَ اللهَ فِيهِ».

وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا شَتَمَكَ!

فَقَالَ: اذْهَبْ بِنَا إِلَيْهِ.

فَأَخَذَ بِيَدِهِ حَتَّى صَارَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ، وَالرَّجُلُ الَّذِي نَقَلَ يَظُنُّ أَنَّهُ مَا ذَهَبَ إِلَّا مِنْ أَجْلِ الْمُعَاقَبَةِ، فَلَمَّا صَارَ عِنْدَهُ أَقْبَلَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ فَقَالَ: «يَا أَخِي! إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَغَفَرَ اللهُ لِي، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَغَفَرَ اللهُ لَكَ».

وَهَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا تَغِيبُ عَنْهُ أَسْبَابُ انْفِعَالِهِ حَالَ انْفِعَالِهِ لَحْظَةً وَاحِدَةً فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ، وَهُوَ فِيهِ رَأْسٌ.. عُبَيْدُ اللهِ بْنُ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيُّ؛ يُسْأَلُ فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ سُؤَالًا، وَوَرَدَتِ الْمَسْأَلَةُ، فَأَخْطَأَ حِينَ الْجَوَابِ، وَغَلِطَ فِي الْإِجَابَةِ، فَكَانَ مَاذَا؟!!

لَا شَيْءَ، وَمَنِ الَّذِي لَا يَغْلَطُ؟! خَطِئَ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ الْمَسْأَلَةِ لَا يُدْرِكُ فِيهَا صَوَابًا، وَلَا يَفْتَحُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ إِلَى الْإِجَابَةِ فِيهَا بَابًا، فَكَانَ مَاذَا؟!!

لَا شَيْءَ.

فَلَمَّا بُيِّنَ لَهُ غَلَطُهُ نَكَّسَ رَأْسَهُ سَاعَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: «إِذَنْ؛ أَعُودُ إِلَى الْحَقِّ وَأَنَا صَاغِرٌ، وَلَأَنْ أَكُونَ ذَنَبًا فِي الْحَقِّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكُونَ رَأْسًا فِي الْبَاطِلِ».

 

المصدر: عَفْوُ اللهِ الْكَرِيمِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  أَمَانَةُ الْكَلِمَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ
  مِنْ سُبُلِ بِنَاءِ الِاقْتِصَادِ السَّدِيدِ: التَّرْشِيدُ فِي الِاسْتِهْلَاكِ
  ضَرُورَةُ تَرْشِيدِ اسْتِهْلَاكِ الْمَاءِ
  بَعْضُ فَضَائِلِ الْحَجِّ
  فَلْنَتَّقِ اللهَ -جَلَّ وَعَلَا-، وَلْنُحَقِّقْ مَقْصُودَ الصِّيَامِ -التَّقْوَى-
  دَوْرُ الْأُسْرَةِ الْمُجْتَمَعِيِّ
  أَمْرُ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِالصِّدْقِ وَثَنَاؤُهُ عَلَى الصَّادِقِينَ
  حُبُّ الْوَطَنِ وَمَنْزِلَتُهُ فِي ضَوْءِ الشَّرْعِ الْحَنِيفِ
  خُطُورَةُ الْمَعَاصِي وَالْمُخَاصَمَةِ فِي الْحَجِّ
  مُرَاعَاةُ الْمَصْلَحَةِ الْعُلْيَا لِلْأُمَّةِ سَبِيلٌ لِوَحْدَتِهَا
  مِنْ دُرُوسِ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ: عِظَمُ قَدْرِ الصَّلَاةِ فِي الْإِسْلَامِ وَعُلُوُّ مَنْزِلَتِهَا
  فَضْلُ صَوْمِ عَاشُوَرَاءَ
  نَمَاذِجُ مِنْ وَرَعِ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-، وَالتَّابِعِينَ
  حَضَّ الْإِسْلَامُ عَلَى الْمَحَبَّةِ وَنَبَذَ الْكَرَاهِيَةَ
  مَخَاطِرُ إِدْمَانِ الْخَمْرِ وَالْمُخَدِّرَاتِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
  • شارك