مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ


 

((مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ))

عِبَادَ اللهِ! ((مِنْ مَنَازِلِ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} الَّتِي لَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ أَهْلِهَا حَتَّى يَنْزِلَ مَنَازِلَهَا: الْيَقَظَةُ، وَالْبَصِيرَةُ، وَالْفِكْرَةُ، وَالْعَزْمُ.

وَهَذِهِ الْمَنَازِلُ الْأَرْبَعَةُ لِسَائِرِ الْمَنَازِلِ كَالْأَسَاسِ لِلْبُنْيَانِ، وَعَلَيْهَا مَدَارُ مَنَازِلِ السَّفَرِ إِلَى اللَّهِ -تَعَالَى-، وَلَا يُتَصَوَّرُ السَّفَرُ إِلَيْهِ بِدُونِ نُزُولِهَا الْبَتَّةَ.

وَهِيَ عَلَى تَرْتِيبِ السَّيْرِ الْحِسِّيِّ؛ فَإِنَّ الْمُقِيمَ فِي وَطَنِهِ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ السَّفَرُ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ مِنْ غَفْلَتِهِ عَنِ السَّفَرِ، ثُمَّ يَتَبَصَّرَ فِي أَمْرِ سَفَرِهِ وَخَطَرِهِ وَمَا فِيهِ مِنَ الْمَنْفَعَةِ لَهُ وَالْمَصْلَحَةِ، ثُمَّ يُفَكِّرَ فِي أُهْبَةِ السَّفَرِ وَالتَّزَوُّدِ وَإِعْدَادِ عُدَّتِهِ، ثُمَّ يَعْزِمُ عَلَيْهِ، فَإِذَا عَزَمَ عَلَيْهِ وَأَجْمَعَ قَصْدَهُ انْتَقَلَ إِلَى مَنْزِلَةِ الْمُحَاسَبَةِ، وَهِيَ التَّمْيِيزُ بَيْنَ مَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ، فَيَسْتَصْحِبُ مَا لَهُ وَيُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُسَافِرٌ سَفَرَ مَنْ لَا يَعُودُ.

وَمِنْ مَنْزِلَةِ الْمُحَاسَبَةِ يَصِحُّ لَهُ نُزُولُ مَنْزِلَةِ التَّوْبَةِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا حَاسَبَ نَفْسَهُ عَرَفَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ؛ فَخَرَجَ مِنْهُ وَتَنَصَّلُ مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ، وَهِيَ حَقِيقَةُ التَّوْبَةِ، لِذَلِكَ تَقْدِيمُ الْمُحَاسَبَةِ عَلَى التَّوْبَةِ أَوْلَى.

وَلِتَأْخِيرِهَا عَنْهَا وَجْهٌ -أَيْضًا-، وَهُوَ أَنَّ الْمُحَاسَبَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا بَعْدَ تَصْحِيحِ التَّوْبَةِ.

وَالتَّحْقِيقُ أَنْ التَّوْبَةَ بَيْنَ مُحَاسَبَتَيْنِ؛ مُحَاسَبَةٍ قَبْلَهَا تَقْتَضِي وُجُوبَهَا، وَمُحَاسَبَةٍ بَعْدَهَا تَقْتَضِي حِفْظَهَا، فَالتَّوْبَةُ مَحْفُوفَةٌ بِمُحَاسَبَتَيْنِ)) .

المصدر:حَاجَتُنَا إِلَى الدِّينِ الرَّشِيدِ وَمُحَاسَبَةُ النَّفْسِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  مِصْرُ الْغَالِيَةُ صَخْرَةُ الْإِسْلَامِ
  الدرس الثامن : «التَّوَاضُعُ»
  الْعِلْمُ الصَّحِيحُ يُورِثُ الْخَشْيَةَ
  الْكَذِبُ لَا يَلِيقُ بِالرَّجُلِ ذِي الْمُرُوءَةِ!!
  مَظَاهِرُ النِّظَامِ فِي عِبَادَةِ الْحَجِّ
  الدرس العشرون : «حِفْظُ اللسَانِ»
  مَبْنَى الشَّرِيعَةِ عَلَى مَصَالِحِ الْأَفْرَادِ وَالْمُجْتَمَعَاتِ
  عَالَمِيَّةُ الرِّسَالَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ
  نِعْمَةُ دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ
  مَعَانِي الْأَمَلِ
  جُمْلَةٌ مِنْ فَضَائِلِ الصَّوْمِ
  مِنْ صُوَرِ الْعَمَلِ التَّطَوُّعِيِّ: نَظَافَةُ الشَّوَارِعِ وَالْأَمَاكِنِ الْعَامَّةِ
  ثَمَرَاتُ مُعَامَلَةِ الْخَلْقِ بِالرَّحْمَةِ وَالتَّسَامُحِ
  مِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْهِجْرَةِ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ
  مَبْنَى الْحَيَاةِ عَلَى الِابْتِلَاءِ
  • شارك