مِنْ سِمَاتِ الشَّخْصِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ: الْحِفَاظُ عَلَى مَرَافِقِ الْوَطَنِ الْعَامَّةِ


((مِنْ سِمَاتِ الشَّخْصِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ:

الْحِفَاظُ عَلَى مَرَافِقِ الْوَطَنِ الْعَامَّةِ))

إِنَّ صُوَرَ الْعَدَاءِ لِلْوَطَنِ -وَطَنِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ- كَثِيرَةٌ جِدًّا؛ فَكُلُّ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُفْسِدَ الْبِلَادَ عَلَى أَهْلِهَا أَوْ يُسِيءَ إِلَيْهَا بِكَلِمَةٍ تُعِينُ عَلَى الْفَسَادِ وَالْإِفْسَادِ بِكُلِّ صُورَةٍ -يَعْنِي: سَوَاءً كَانَ هَذَا الْفَسَادُ مِنَ الْمَعَاصِي أَوِ الذُّنُوبِ أَوِ الْمُنْكَرَاتِ, أَوْ كَانَ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ فِي صُورَةٍ أُخْرَى؛ وَهِيَ الْغُلُوُّ فِي دِينِ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-- فَكُلُّ ذَلِكَ عَدَاءٌ لِلدِّينِ وَعَدَاءٌ لِبِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَكْرٌ بِبِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَمِثْلُ هَذَا -أَيْضًا-: أَحْدَاثُ الْأَحْزَابِ الْخَارِجَةِ عَنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامِهِمْ.

وَهَكَذَا عَدَمُ احْتِرَامِ الْمَالِ الْعَامِّ بِالِاعْتِدَاءِ عَلَيْهِ وَالتَّضْيِيعِ لَهُ؛ كَإِفْسَادِ الشَّوَارِعِ، أَوْ قَطْعِ الْأَشْجَارِ الَّتِي غَرَسَهَا الْمُسْلِمُونَ لِلظِّلِّ وَالزِّينَةِ, وَهَذَا يَقَعُ فِي كُلِّ بَلَدٍ تُصَابُ بِالْفَوْضَى وَمَا يُسَمَّى بِالثَّوْرَةِ.

مَا ذَنْبُ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يُرْزَءُوا فِي أَمْوَالِهِمْ؟!!

مَا ذَنْبُهُمْ حَتَّى تُدَمَّرَ ثَرْوَاتُهُمْ، وَحَتَّى تُخَرَّبَ مُنْشَآتُهُمْ، وَهِيَ مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَهِيَ مِنَ الْمَالِ الْعَامِّ؟!!

هَكَذَا عَدَمُ احْتِرَامِ الْمَالِ الْعَامِّ بِالِاعْتِدَاءِ عَلَيْهِ وَالتَّضْيِيعِ لَهُ؛ كَإِفْسَادِ الشَّوَارِعِ، أَوْ قَطْعِ الْأَشْجَارِ الَّتِي غَرَسَهَا الْمُسْلِمُونَ لِلظِّلِّ وَالزِّينَةِ.

وَهَكَذَا نَجِدُ أَنَّ الْإِسْلَامَ رَاعَى حُقُوقَ الْوَطَنِ مَا دَامَ مَحَلًّا لِإِقَامَةِ الْمُسْلِمِينَ وَمَكَانًا لِقِيَامِ الشَّعَائِرِ الدِّينِيَّةِ, وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: ((مَنْ آذَى الْمُسْلِمِينَ فِي طُرُقِهِمْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَعْنَتُهُمْ)). رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ, وَقَدْ حَكَمَ عَلَيْهِ الْأَلْبَانِيُّ بِالْحُسْنِ لِغَيْرِهِ.

الطَّرِيقُ جُزْءٌ مِنْ أَرْضِ الْوَطَنِ.. مِنْ تُرَابِهِ، وَهَكَذَا أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ كُلُّهَا لَهَا ارْتِبَاطٌ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَهِيَ كَثِيرَةٌ لَا تُسْتَقْصَى.

إِنَّ الْمُحِبَّ لِوَطَنِهِ مُحَافِظٌ عَلَى نَظَافَةِ أَمَاكِنِهِ الْعَامَّةِ؛ فَالْأَمْرُ بِالنَّظَافَةِ لَمْ يَقِفْ عِنْدَ حَدِّ الْأَمْرِ بِالنَّظَافَةِ الشَّخْصِيَّةِ أَوْ نَظَافَةِ الْمَسَاجِدِ وَالْبُيُوتِ، بَلْ وَصَلَ الْأَمْرُ إِلَى التَّوْجِيهِ بِتَنْظِيفِ الْبِيئَةِ الَّتِي يَعِيشُ فِيهَا الْإِنْسَانُ وَيَتَفَاعَلُ مَعَهَا.

قَدْ تَكُونُ هَذِهِ الْبِيئَةُ طَرِيقَهُ الَّذِي يَسِيرُ فِيهِ، أَوْ مَدْرَسَتَهُ أَوْ جَامِعَتَهُ الَّتِي يَتَعَلَّمُ فِيهَا، أَوْ مَكَانًا عَامًّا يَقْضِي مِنْ خِلَالِهِ مَصَالِحَهُ أَوْ يَتَنَزَّهُ فِيهِ.

وَقَدْ عُنِيَ الْإِسْلَامُ عِنَايَةً خَاصَّةً بِتَنْظِيفِ الطُّرُقِ وَالْأَمَاكِنِ الْعَامَّةِ وَإِزَالَةِ الْأَذَى عَنْهَا، وَجَعَلَهَا بَابًا وَاسِعًا مِنْ أَبْوَابِ الْخَيْرِ؛ فَإِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الْأَمَاكِنِ الْعَامَّةِ صَدَقَةٌ.

 

المصدر: سِمَاتُ وَسُلُوكُ الشَّخْصِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ فِي ضَوْءِ الشَّرْعِ الْحَنِيفِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  الْبَذْلُ وَقَضَاءُ الْحَوَائِجِ عِنْدَ سَادَةِ الْبَشَرِ
  دِينُ اللهِ هُوَ دِينُ الْإِحْسَانِ فِي كُلِّ شَيْءٍ
  الْوَعْيُ بِخَطَرِ الِانْحِرَافِ الْفِكْرِيِّ وَسُبُلِ مُوَاجَهَتِهِ
  الْمَعْنَى الْحَقُّ لِاسْتِفْتَاءِ الْقَلْبِ
  عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ
  إِمَامُ الْأَنْبِيَاءِ مُحَمَّدٍ ﷺ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ عَلَى الْقِمَّةِ الشَّامِخَةِ
  حَضَّ الْإِسْلَامُ عَلَى الْمَحَبَّةِ وَنَبَذَ الْكَرَاهِيَةَ
  أَمَلُ الْمَرِيضِ فِي الشِّفَاءِ وَالْبُشْرَى لَهُ بِالْأَجْرِ
  رِسَالَةُ الْمُسْلِمِينَ: دَعْوَةُ الْعَالَمِ إِلَى التَّوْحِيدِ بِالرَّحْمَةِ وَالْعَدْلِ
  مُحَمَّدٌ ﷺ نَبِيُّ الرَّحْمَةِ، وَدِينُهُ دِينُ الرَّحْمَةِ
  دِينُ الِاسْتِقَامَةِ وَالتَّوَازُنِ
  حَثُّ اللهِ وَرَسُولِهِ عَلَى العَمَلِ، وَالْبِنَاءِ، وَتَعْمِيرِ الْأَرْضِ
  فَضْلُ الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فِي الْقُرْآنِ
  مُؤَامَرَةُ الْيَهُودِ الْمَكْشُوفَةُ وَغَفْلَةُ الْمُسْلِمِينَ!!
  رَمَضَانُ شَهْرُ الْمَغْفِرَةِ وَوَحْدَةِ الْمُسْلِمِينَ
  • شارك