تفريغ مقطع : مشاهد العبد في الأقدار

«مشاهد العبد فى الأقدار»

إنَّ اللهَ تعالى يُجرِي على العبدِ ممَّا قَدَّرَهُ ما يُلائِمُهُ وما يُؤلمُهُ، وإذا جَرَى على العبدِ مقدورٌ يَكرهُهُ؛ فلهُ فيه ستةُ مشاهد:

*أحدُها: مشهدُ التوحيدِ وأنَّ اللهَ هو الذي قَدَّرَهُ وشاءَهُ وخَلَقَهُ، وما شاءَ اللهُ كان وما لم يشأ لم يَكُن.

*والثانى: مشهدُ العدلِ، وأنه ماضٍ فيه حُكْمُهُ، عَدْلٌ فيه قَضَاءُهُ.

*والثالثُ: مشهدُ الرحمة، وأنَّ رحمتَهُ فى هذا المقدورِ غالبةٌ لغضبِهِ وانتقامِهِ، ورحمتُهُ حَشْو مقدورِهِ -رحمتُهُ

تعالى حشو مقدوره-، وإنْ كان غير مُلائِم وإنْ كان مُؤلِمًا، رحمته حشو مقدورِهِ.

*والرابع: مشهدُ الحِكمة، وأنَّ حكمتَهُ سبحانهُ اقتضت ذلك، لَم يُقَدِّرهُ سُدَى ولا قضاه عَبَثًا.

*والخامسُ: مشهدُ الحمدِ، وأنَّ له سبحانه الحمدُ التام على ذلك مِن جميعِ وجوهِهِ.

*والسادسُ: مشهدُ العبودية، وأنه عَبْدٌ مَحَض مِن كُلِّ وَجْه، تجرى عليه أحكامُ سَيِّدِهِ وأقضيتُهُ بحُكْمِ كَوْنِهِ مِلْكَهِ وعَبْدَه، فيُصَرِّفُهُ تحتَ أحكامِهِ القدرية، كذا يُصَرِّفُهُ تحت أحكامِهِ الدينيةِ، فهو مُحَلٌّ لجريانِ هذه الأحكامِ عليه، فإذا جَرَى على العبدِ مقدورٌ يكرهُهُ -مقدورٌ يُؤلمُهُ ولا يُلائمُهُ- فهذه مشاهدُهُ فيه، وهي مُفضيةٌ في المُنتهى إلى تسليمٍ مَحْض، إذ إنَّ ربَّهُ فَعَّالٌ لِمَا يُريد وله الحكمةُ، وهو سبحانهُ يعدلُ في خَلْقِهِ، ومَن شاءَ رَحِمَهُ وهو -جَلَّ وعلا- يُعطي مَن يشاءُ ويَحْرِمُ مَن يشاءُ، ويرفعُ مَن يشاءُ ويخفضُ مَن يشاءُ، ويُعِزُّ مَن يشاءُ ويُذِلُّ مَن يشاءُ، بيدِهِ الخير وهو على كلِّ شيءٍ قدير.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  • شارك