تفريغ مقطع : سَلِّم لرَبِّكَ تَسْلَم

 إذا كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- قد لَحِقَ بالرفيقِ الأعلى؛ فَقَدْ أَبْقَى اللهُ -تباركَ وتعالى- لَنَا الوحيَ المعصوم -الكتاب والسُّنَّة-؛ ((تَرَكْتُ فِيكُم مَا إنْ تَمَسكتم به لَن تَضِلُّوا بَعْدِي أَبَدًا كتابَ اللهِ وسُنَّتِي)).

إذن؛ فالنظرةُ الجُزئيةُ مِن البَشَرِ لا يُمْكِنُ أنْ تكونَ محيطةً بأمرٍ يُتَنَاوَل بالعقلِ البشريِّ ولا بالنظرِ الإنسانيِّ، والنبيُّ -صلى الله عليه وآله وسلم- مُوحىً إليه مِن رَبِّهِ لا يَنطقُ عن الهوى، والذي شَرَعَ للبَشرِ هو رَبُّ البَشَرِ {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14].

فَسَلِّم لرَبِّكَ تَسْلَم، سَلِّم تَسْلَم، ولا يَسْلَمُ إلَّا مَن سَلَّم، فَعَلَى الإنسانِ أنْ يُسَلِّمَ لِقَالَ اللهُ، قالَ رسولُهُ -صلى الله عليه وسلم-، وأَمْرٌ يتعلقُ بهذا وهو شومُ المعصيةِ، مَن لم يُسَلِّم للوحي؛ أصابَهُ شؤمُ المعصيةِ في الدنيا قَبْلَ الآخرةِ.

كان رَجُلٌ قد جَلَسَ على الأرضِ يأكلُ بِشِمَالِهِ فَمَرَّ بهِ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: ((كُل بِيمينِكَ)).

قال: لا أستطيع.

قال: ((لا استطعت))، لا هَا هُنَا دُعائية، ((لا استطعت))، فَدَعَا عليه  بِأَلَّا يستطيع، فَمَا استطاع بَعْدُ أنْ يرفعَ يُمْنَاه إلى فَمِهِ، يَبِسَة؛ أصابَهَا الشَّلَلَ شَلَّت يمينُهُ.

فالنبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أرسلَهُ اللهُ ليُطاعَ، إنَّمَا أرسلَ اللهُ المُرسلينَ ليُطاعوا وليُقتصَّ على آثارهِم وليُسَلِّمَ العبدُ لهم تسليمًا كاملًا، ولو أنَّ الناسَ أطاعوا النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- ظاهرًا وباطنًا؛ ما وُجِدَ في الدنيا شَرٌّ قَطُّ، وإنما يُوجدُ الشَّرُّ في مكانٍ ما مِن الأرضِ على قَدْرِ مخالفةِ رسولِ اللهِ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  • شارك