تفريغ مقطع : أَحْيَاكَ اللهُ كَما أحْيَيْتَنِي

جَلَسَ سُفيانُ الثَّوْريّ رحمهُ اللهُ- وفُضْيَلُ بنُ عِياضٍ رحمهُ اللهُ-، وكان له مَوَاخيًا، فَجَلَسَا مَعًا، فَتَذَاكَرَا، فَبَكيَا، فَقَالَ سُفْيَانُ: إنِّي لأَرْجُو أنْ يَكُونَ هذا المَجْلِسُ أَكْثَرَ مَجَالِسِنَا بَرَكَةً عِنْدَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى-.

فقالَ له فُضيل: إنِّي لأَخْشَى أنْ يكونَ هذا المَجْلِسُ أشَدَّ المجالسِ عَلَيْنَا شُؤمًا عند اللهِ تعالى!!

قال: كيف؟!!

تَذَاكَرَا؛ فرَقَّت القُلُوبُ، فَبَكيَا، وَاسْتَعْبَرَا، فقالَ سُفيانُ مَا قَالَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ فُضيلٌ بِمَا رَدَّ.

فقالَ سُفيانُ رحمهُ اللهُ-: كَيْفَ هَذَا؟!!

قال: أَلَسْتَ قَد جَلَسْتَ إليَّ، فتَزَيَّنْتَ لي مُحَدِّثًا إيَّايَّ بِأَحْسَنِ الَّذِي لديْكَ، وتَزَيَّنْتُ لَكَ؛ فَحَدَّثْتُكَ بِأَحْسَنِ مَا عِندِي، فَعَبَدْتَنِي وعَبَدْتُكَ!!

فقالَ: أَحْيَاكَ اللهُ كَما أحْيَيْتَنِي.

يَجْلِسُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ يُحَدِّثُهُ، فَيُزَيِّنُ لَهُ كلامَهُ، ويَعْرِضُ عليه أَحْسَنَ مَا عِنْدَهُ، والآخَرُ كَذَلِكَ.

يَقُولُ: فَعَبَدْتَنِي وعَبَدْتُكَ!! يعني: لَم تُرِد بِعَمَلِكَ وجهَ اللهِ، وإنَّمَا تَزيَّنْتَ لي بقَوْلِكَ، وكأنَّما كُنْتَ لي عابِدًا، ولا يَقْصِدُ حقيقةَ العبادةِ على النَّحوِ المعروفِ المعهودِ اصطلاحًا.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  • شارك