تفريغ مقطع : هَلْ يَحِقُّ لَكَ التَّوَاضُعُ أَصْلًا؟!!

((هَلْ يَحِقُّ لَكَ التَّوَاضُعُ أَصْلًا؟!!))

*التَّوَاضُعُ الحَقُّ مِن الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم-:

إنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَكْرَهُ سَفَاسِفَ الأُمُورِ، يُحِبُّ مَعَالِي الأَخْلَاقِ، فَعَلَى الإِنْسَانِ أَنْ يُقْبِلَ عَلَى نَفْسِهِ مُفَتِّشًا فِيهَا، أَيْنَ أَنَا؟ وَمَن أَنَا؟ وَإِلَى أَيْنَ أَسِيرُ؟

عَلَيْكَ أَنْ تَسْأَلَ نَفْسَكَ مَن أَنْتَ، مَن تَكُونُ، أَأَنْتَ عَبْدٌ للهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى- كَمَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ؟!!

أَو عَلَى الأَقَلِّ هَلْ أَنْتَ آخِذٌ مِن التَّعَالِيمِ عَلَى قَدْرِ الوسْعِ وَالطَّاقَةِ أَمْ هُوَ التَّقْصِيرُ وَالتَّفْرِيطُ وَالاسْتِهَانَةُ؟!!

هذه الأمورُ كُلُّهَا مِمَّا كَانَ أَصْحَابُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ يَأْتُونَ بِهَا عَلَى الوَجْهِ العَمَلِيِّ، فَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُ- يَخْلُو إِلَى نَفْسِهِ وَيُحَاسِبُهَا عَلَى مَا فَعَلَت وَعَلَى مَا قَالَت وَعَلَى مَا انْتَوَت، وَيُعَاقِبُ نَفْسَهُ يَضْرِبُ عَلَى فَخِذِهِ بِكَفِّهِ، وَكَانَ يَقُولُ: وَيْحَكَ يَا عُمَر، كُنْتَ في الجَاهِلِيَّةِ تُدْعَى عُمَيْرًا فَصِرْتَ عُمَر، وَكُنْتَ تَرْعَى لِلخَطَّابِ غَنَمَهُ فَصِرْتَ أَمِيرًا للمُؤمِنِينَ يَعْنِي يَرْعَى أُمَّةَ الرَّسُولِ ﷺ-!! يُذَكِّرُ نَفْسَهُ، وَكَانَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ- يَعْرِفُ قَدْرَ نَفْسِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَطْلَبِ رَبِّهِ.

عِنْدَمَا حَمَلُوهُ عَلَى بِرْذَوْنَ، فَهَمْلَجَ به وَلَم يَسْتَقِرّ، فَكُلَّمَا أَرَادَ مِنْهُ أَنْ يَمْشِيَ مَشْيًا مُسْتَقِيمًا، ازْدَادَ فِي عُجْبِهِ وَتَبَخْتُرِهِ، فَنَزَلَ فَقَالَ: إِنَّمَا حَمَلْتُمُونِي عَلَى شَيْطَانٍ، فَأَتَوْهُ بِدَابَّةٍ سَلِسَةٍ تَكُونُ طَوْعَ قِيادِهِ رَضِيَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُ-.

*تَوَاضُعُ النَّبِيِّ ﷺ:

إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ عَلَّمَ الدُّنْيَا كُلَّهَا كَيْفَ يَكُونُ الإِخْبَاتُ والخُشُوعُ والتَّوَاضُعُ للهِ جَلَّ وَعَلَا-، فَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: ((لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُﷺ)).

وكانَ النَّبِيُّ ﷺ يُرَاجِعُ مَن أَخَذَتْهُ الهَيْبَةُ وَحُقَّ لَهُ أَنْ تَأْخَذَهُ- مَن أَخَذَتْهُ الهَيْبَةُ إِذَا حَضَرَ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَارْتَعَدَت فَرَائِسُهُ، فَكَانَ يَقُولُ لَهُ: ((يَا أَخَ العَرَبِ، هَوِّن عَلَيْكَ، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ مِن قُرَيْش كَانَت تَأْكُلُ القَدِيدَ بِمَكَّةَ ﷺ)).

*احْذَرُوا مِنَ التَّوَاضُعِ الكَاذِبُ:

مَن تَوَاضَعَ للهِ جَلَّ وَعَلَا- رَفَعَهُ اللهُ، والعَجِيبُ أنَّ كَثِيرًا مِن النَّاسِ يَدَّعِي أَنَّهُ يَتَوَاضَعُ، وَلَا يَكُونُ مُتَوَاضِعًا فِي حَقِيقَةِ الأَمْرِ لِأَمْرَيْنِ:

*الأَوَّلُ: أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ شَيْءٌ يَتَوَاضَعُ بِسَبَبِهِ، لأَنَّ الَّذِي يَتَوَاضَعُ هو مَن يَكُونُ قَد أُوتِيَ قَدْرًا وَقِيمَةً، وَآتَاهُ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ مَا يَسْمُو بِهِ، فَهَذَا إِذَا مَا خَفَضَ جَنَاحَ الذُّلِّ مِن الرَّحْمَةِ بِالمُؤمِنِينَ كَانَ مُتَوَاضِعًا.

وَلَكِنَّ الذِي لَم يُؤت مِن ذَلِكَ شَيْئًا، لِأَيِّ شَيْءٍ يَتَوَاضَعُ؟!! هُو لَم يُؤت شَيْئًا أَصْلًا يَرْتَفِعُ به عَلَى غَيْرِهِ حَتَّى يَتَوَاضَعَ غَيْرَ نَاظِرٍ إِلَيْهِ.

*شَيْءٌ آخرُ: أَنَّ هَذَا التَّوَاضُعَ إِنَّمَا يَكُونُ جَلْبًا للمَدْحِ الكَاذِبِ، فَهُوَ تَوَاضُعٌ كَاذِبٌ جَلْبًا للمَدِيحِ الأَكْذَبِ، فَكُلَّمَا زَاَدَ تَوَاضُعًا فِي ظَاهِرِ الأَمْرِ أَثْنَى عَلَيْهِ النَّاسُ.

إِنَّ مَسَارِبَ النَّفْسِ خَفِيَّةٌ جِدًّا، وَلَا يَسْتَطِيعُ المَرْءُ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَكَامِنِ بَوَاعِثِ أَفْعَالِهَا وَنِيَّاتِهَا، فَعَلَى الإِنْسَانِ أَنْ يَخْشَى هَذَا، وَأَنْ يَعُودَ عَبْدًا كَمَا خَلَقَهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَأَنْ يُرَاجِعَ نَفْسَهُ، وَأَنْ يَجْتَهِدَ فِي رَدِّ الحُقُوقِ إِلَى أَصْحَابِهَا لأَنَّ المَوْتَ يَأتِي بِغْتَةً.

نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُحْسِنَ خِتَامَنَا أَجْمَعِينَ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ .       

((من خطبة: كيف يكون الخشوع؟ الجمعة 14 من ذي الحجة 1437هـ الموافق 16-9-2016 م))

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


سؤال هـام لكل مسلم... هل تعرف مَن تعبُد؟!
عقوبةُ أهل الدَّعْوَى في العلمِ والقرآن
حول الصحابي المسيء في صلاته رضي الله عنه
حقيقةُ الدينِ ليس فيها تنازُل
هل هناك فرقة يُقال لها الرسلانية أو الجامية أو السلفية المدخلية؟
عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ
سَماؤُكِ يا دُنيا خِداعُ سَرابِ
ليس كل مَن نهى عن الخروج على ذي سلطان يكونُ مقرًّا فعلَه ولا راضيًا بأمره ولا مقرًّا لحُكمِه!!
لَا تَغُرَّنَّكَ عِبَادَةُ عَابِدٍ, وَلَا زُهدُ زَاهِدٍ, وَلَا قِرَاءَةُ قَارِئٍ, وَلَا حِفظُ حَافِظ
إلى أهل المغرب الحبيب
لن يستطيعَ أنْ يَرُدَّ على أفكارِ التكفيرِ والتفجيرِ إلَّا أَهْل السُّنَّة
إِلَى أَهْلِ الْجَزَائِرِ الْحَبِيبَة
شَيْخُ الْحَدَّادِيَّةِ هِشَامٌ البِيَلِيّ يَصُدُّ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَيَرْمِي الطَّائِفِينَ بِالِانْحِرَافِ الْأَخْلَاقِيِّ
تَعَلَّمْ كَيْفَ تَتَوَضَّأُ وَكَيْفَ تَغْتَسِلُ وَكَيْفَ تَتَيَمَّمُ
يتزوج امرأته مرتين مرة عند المأذون ومرة في المسجد... يعقد في المعقود!!
  • شارك