تفريغ مقطع : الحَسَدُ... أيَحسدُ المؤمن؟!

قِيلَ لِلحَسَنِ البَصْرِيِّ: أَيَحْسُدُ المُؤْمِن؟!

قَالَ: ((وَمَا أَنْسَاكَ إِخْوَةَ يُوسُف -لَا أَبَا لَكْ-؟))

فَإِخْوَةُ يُوسُف مِنَ المُؤمِنِينَ بِلَا خِلَافٍ؛ وَمَعَ ذَلِكَ حَسَدُوا أَخَاهُم؛ لِمَا فَضَّلَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِهِ مِنْ مَزَايَا وَخِصَال, وَلِمَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ بِهِ مِنَ النُّبُوَّةِ الَّتِي كَانَ يَسْتَشْرِفُهَا يَعْقُوبُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-, فَكَانَ مُحِبًّا لَهُ مُقَرِّبًا لَهُ؛ فَحَسَدُوهُ وَهُمْ أَبْنَاءُ نَبِي كُلُّهُم أَوْلَادُ نَبِي- بنِ نَبِي بنِ نَبِي, يَعقُوب بنِ إِسْحَاق بنِ إِبرَاهِيم.

هَؤُلَاءِ أَبْنَاؤُهُ؛ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَسْلَمُوا مِنْ هَذَا الخُلُقِ الرَّذِيل, وَأَخَذُوا أَخَاهُم بَعْدَ أَنْ احْتَالُوا عَلَى أَبِيهِم, ثُمَّ تَآمَرُوا عَلَى قَتْلِهِ, ثُمَّ أَشْفَقُوا عَلَيْهِ فَأَلْقَوْهُ فِي الجُبِّ, ثُمَّ تَنَحَّوْا نَاحِيَةً حَتَّى جَاءَت السَّيَّارَةُ القَافِلَةُ فَاسْتُخْرِج, ثُمَّ كَذَبُوا عَلَى أَبِيهِم لمَّا جَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ, وَكُلُّ هَذِه الأَشْيَاء مِنَ الكَبَائِر, وَمَعَ ذَلِكَ فَهُمْ أَوْلَادُ نَبِي بنِ نَبِي بنِ نَبِي وَلَمْ يَسْلَمُوا مِنْ مِثْلِ هَذَا الخُلُق!!

فَمَاذَا تَصْنَع؟

النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: ((إِنَّ الحَسَدَ يُدْخِلُ الرَّجُلَ القَبْرَ وَيُدْخِلُ الجَمَلَ القِدْر)).

النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: ((الحَسَدُ يُدْخِلُ الرَّجُلَ القَبْرَ وَيُدْخِلُ الجَمَلَ القِدْر)).

وَمَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ يَحْسُد؛ فَيَنْبَغِي عَلَيْهِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ رَبَّهُ, وَلَوْ نَظَرْتَ فِي كُتُبِ الفِقْهِ لَوَجَدْتَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالحُدُودِ وَأَشْبَاهِهَا مِنَ الأَحْكَامِ؛ أَنَّ الفُقَهَاءَ تَكَلَّمُوا فِي الَّذِي يَكُونُ مَعْرُوفًا بِالحَسَدِ -هُنَاكَ أَقْوَامٌ مِنَ الخِسَّةِ وَالوَضَاعَةِ بِمَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يُوصَف, لَيْسَ لَهُم هَمٌّ إِلَا أَنْ يُؤْذُوا إِخْوَانَهُم مِنَ المُسْلِمِين, وَيَتَوَفَّرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَيَحْرِصُونَ عَلَيْهِ!!-, لَوْ عُرِفَ بِالحَسَدِ ثُمَّ عَانَ إِنْسَانًا فَمَات, يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ حَتَّى يَمُوت أَوْ يَمْرَض, أَوْ يَحْدُثُ لَهُ مَا يَحْدُثُ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَ الخَاصَّةِ وَالعَامَّة, قَالُوا: هَلْ يُقَادُ مِنْه؟

يَعْنِي يَكُونُ قَاتِلًا لَهُ وَحِينَئذٍ يُقْتَصُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِعَيْنِهِ؟

بِالسُّميَّةِ الغَضَبِيَّةِ الَّتِي انْبَعَثَت مِنْ نَفْسٍ شِرِّيرَةٍ حَيَوَنِيَّةٍ مِنْ أَجْلِ أَنْ تُصِيبَ بَرِيئًا لَا ذَنْبَ لَهُ!! وَكُلُّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ.

فَعَلَى الإِنْسَانِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ, وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ- بِهِ عَلَى غَيْرِهِ؛ إِنَّمَا هُوَ عَطَاءُ اللَّهِ رَبِّ العَالمِينَ وَفَضْلُهُ, فَمَنْ نَازَعَ اللَّهَ فِي أَقْدَارِهِ فَلْيُنَازِعْهُ!! وَمَنْ اعْتَرَضَ عَلَى اللَّهِ فِي قِسْمَتِهِ فَلْيَعْتَرِض!!

وَلَكِنْ لَنْ تَجِدَ ظَالِمًا أَشْبَهَ بِمَظْلُومٍ مِنَ الحَاسِدِ؛ لِأَنَّهُ مُؤَرَّقُ الجَفْنِ لَا يَنْعَمُ بِغُمْضٍ وَلَا نَوْمٍ, وَيَسُوءُهُ مَا يُنْعِمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِهِ عَلَى المَحْسُودِ!!

فَالمَحْسُودُ يَتَنَعَّمُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ وَهَذَا يَتَلَدَّدُ عَلَى مِثْلِ الجَمْرِ, وَالآخَرُ هَنَّاهُ اللَّهُ وَمَنَّاهُ, وَأَعْطَاهُ وَأَسْبَغَ عَلَيْهِ, فَهُوَ يَتَنَعَّمُ بِنِعْمَةِ رَبِّهِ, وَأَمَّا الآخَرُ؛ فَفِي حَسْرَةٍ كَامِلَةٍ, وَفِي غَمٍّ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ!!

فَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَنَا, وَأَنْ يُصَفِّيَ أَرْوَاحَنَا, وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


سؤال لكل من تعصب لسيد قطب ماهو اسم أمك؟
مَا حُكْمُ الِابْتِهَالَاتِ الدِّينِيَّةِ وَالْأَنَاشِيدِ الْإِسْلَامِيَّةِ
سَبِيلُ الذُّرِّيَّةِ الصَّالِحَةِ
المعنى الصحيح للآية: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}
ندم الحسين -رضي الله عنه- على خروجه
تكبيرة الاحرام وصفتها __ كيفية وضع اليدين على الصدر __ النظر إلى موضع السجود
يريد أن يطلق زوجته لانه لم يعد يحبها،، فماذا قال له الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ؟؟
هل يلزم لكل يوم نية؟ وما حكم مَن نوى الإفطار ولم يأكل؟ وما هي المشقة التي يجوز من أجلها الفطر؟
لا تكونوا عُجُلاً مذاييع بُذُرًا
التفصيل الرائع لحرمة المظاهرات
تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً
((مَنْشَأُ فِتَنِ الشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ)) الشَّيْخُ الدُّكْتُور: عَبْد الرَّزَّاق الْبَدْر -حَفِظَهُ اللهُ-.
الدفاع عن الشيخ المُجَدِّد محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- في مسألة التكفير بلا مُوجِب
هَذِهِ دَعْوَتُنَا... مَا قَارَبْنَا مُبْتَدِعًا وَإِنَّمَا أَنْقَذَ اللَّهُ بِنَا أُنَاسٌ مِنَ البِدْعَة
احذر ثم احذر هذه البدع الكبيرة!!
  • شارك