تفريغ مقطع : بَيْنَ الابْنِ وَأُمِّهِ

((بَيْنَ الابْنِ وَأُمِّهِ))

فَمَهْمَا عَلَتْ بِالْمَرْءِ السُّنُونُ، وَاخْتَلَفَ عَلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، يَبْقَى حِيَالَ أُمِّهِ طِفْلًا غَرِيرًا، تُزِيلُ وَحْشَتَهُ، وَتُبَدِّدُ غُرْبَتَهُ، وَتَكْشِفُ كُرْبَتَهُ، فَإِذَا ذَهَبَتْ وَغَيَّبَ ثَرَى الْأَرْضِ رُفَاتَهَا، فَأَيْنَ يَجِدُ الْمَرْءُ إِذَا قَسَتْ عَلَيْهِ الْحَيَاةُ مَنْ يَحْنُو بِصِدْقٍ وَحُبٍّ عَلَيْهِ؟!

وَإِلَى مَنْ مِنَ النَّاسِ يَلْجَأُ الْمَرْءُ إِذَا سَعَتْ جُيُوشُ الْهُمُومِ إِلَيْهِ؟!

يَا مَلَاكَ الْحُبِّ يَا رُوحَ السَّلَامِ *** شَاهِدُ السَّعْدِ عَلَى وَجْهِكَ لَاحَ

طَابَ لِي بَيْنَ أَمَانِيكِ الْمَنَامُ *** وَعَلَى نَجْوَاكِ شَاهَدْتُ الصَّبَـاحَ

أَنْــتِ لــِي أَوْفَى حَبِيــب *** مِـــنْ بَعِيـــدٍ أَوْ قَــــرِيـب

أَنْتِ أُمــي...

مَنْ يُوَاسِينِي إِذَا عَزَّ مُعِينِي؟

قَلْبُ أُمِّــي...

مَنْ يُنَاجِينِي إِذَا طَالَ حَنِينِي؟

طَيْفُ أُمِّــي...

كُلَّمَا أَظْلَمَ فِي عَيْنِي الْفَضَاءُ *** أَرْسَلَتْ عَيْنَاكِ نُورَ الْأَمَلِ

فَسَرَتْ رُوحِي إِلَى بَابِ الرَّجَاءِ *** ثُمَّ حَيَّتْ طَلْعَةَ الْمُسْتَقْبَلِ

كُنْتُ فِي رَوْضِكِ غَضَا فَسَقَانِي *** عَطْفُكِ الْفَيَّاضِ بِالْكَفِّ النَّدِيَّةِ

فَــإِذَا أَيْنَعَ فِي ظِــلِّ الْحَنَــانِ *** فَهُوَ مِنِّي لَـكِ يَــا أُمِّي هَدِيَّـــة

أَنْــتِ لِـي أَوْفَى حَبِيــبٍ *** مِـــنْ بَعِيــدٍ أَوْ قَرِيــب

أَنْتِ أُمِّـــي...

لَكِنْ أَيْنَ أُمِّي؟

أُمَّاهُ لَيْتَكِ لَمْ تَغِيبِي خَلْفَ سُورٍ مِنْ حِجَار

لَا بَابَ فِيهِ لِكَيْ أَدُقَّ وَلَا نَوَافِذَ فِي الْجِـدَار

كَيْفَ انْطَلَقْتِ عَلَى طَرِيقٍ لَا يَعُودُ السَّائِرُون

مِنْ ظُلْمَةٍ صَفْرَاءَ فِيهِ كَأَنَّهَا غَسَقُ الْبِحَارِ

وَلَا شَيْءَ إِلَّا الْمَوْتَ يَدْعُو وَيَصْرُخُ فِيمَا يَزُول

خَرِيفٌ شِتَاءٌ أَصِيلٌ أُفُولٌ

وَبَاقٍ هُوَ اللَّيْلُ بَعْدَ انْطِفَاءِ الْبُرُوق

وَبَاقٍ هُوَ الْمَوْتُ أَبْقَى وَأَخْلَدُ مِنْ كُلِّ مَا فِي الْحَيَاة

فَيَا قَبْرَهَا افْتَحْ ذِرَاعَيْكَ إِنِّي لَآتٍ بِلَا ضَجَّةٍ دُونَ آآآآه!!

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  • شارك