تفريغ مقطع : الأخوة والصداقة ... ذاك شئ نسخ!!!

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ-: ((كَانَ لَنَا أَصْدَقَاءُ وَإِخْوَانٌ أَعْتَدُّ بِهِمْ، فَرَأَيْتُ مِنْهُمُ الْجَفَاءَ، وَتَرْكَ شُرُوطِ الصَّدَاقَةِ وَالْأُخُوَّةِ عَجَائِبَ، فَأَخَذْتُ أَعْتِبُ، ثُمَّ انْتَبَهْتُ لِنَفْسِي فَقُلْتُ: وَمَا يَنْفَعُ الْعِتَابُ، فَإِنَّهُمْ إِنْ صَلَحُوا فَلِلْعِتَابِ لَا لِلصَّفَاءِ!!

فَهَمَمْتُ بِمُقَاطَعَتِهِمْ، ثُمَّ تَفَكَّرْتُ؛ فَرَأَيْتُ النَّاسَ بَيْنَ مَعَارِفَ وَأَصْدِقَاءَ فِي الظَّاهِرِ وَإِخْوَةً مُبَاطِنِينَ، فَقُلْتُ: لَا تَصْلُحُ مُقَاطَعَتُهُمْ، إِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ تَنْقُلَهُمْ مِنْ دِيوَانِ الْإِخْوَةِ، إِلَى دِيوَانِ الصَّدَاقَةِ الظَّاهِرَةِ.

فَإِنْ لَمْ يَصْلُحُوا لَهَا؛ نَقَلْتَهُمْ إِلَى جُمْلَةِ الْمَعَارِفِ، وَعَامَلَتْهُمْ مُعَامَلَةَ الْمَعَارِفِ، وَمِنَ الْغَلَطِ أَنْ تُعَاتِبَهُمْ.

قَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ: بِئْسَ الْأَخُ أَخٌ تَحْتَاجُ أَنْ تَقُولَ لَهُ اذْكُرْنِي فِي دُعَائِكَ.

وَجُمْهُورُ النَّاسِ الْيَوْمَ مَعَارِفٌ، وَيَنْدُرُ فِيهِمْ صَدِيقٌ فِي الظَّاهِرِ، فَأَمَّا الْأُخُوَّةُ وَالْمُصَافَاةُ فَذَاكَ شَيْءٌ نُسِخَ، فَلَا يُطْمَعُ فِيهِ، وَمَا أَرَى الْإِنْسَانَ تَصْفُو لَهُ إِخْوَةٌ مِنَ النَّسَبِ وَلَا وَلَدِهِ وَلَا زَوْجَتِهِ.

فَدَعِ الطَّمَعَ فِي الصَّفَا، وَخُذْ عَنِ الْكُلِّ جَانِبًا، وَعَامْلِهُمْ مُعَامَلَةَ الْغُرَبَاءِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَنْخَدِعَ بِمَنْ يُظْهِرَ لَكَ الْوُدَّ، فَإِنَّهُ مَعَ الزَّمَانِ يَبِينُ لَكَ الْحَالُ فِيمَا أَظْهَرَهُ، وَرُبَّمَا أَظْهَرَ لَكَ ذَلِكَ لِسَبَبٍ يَنَالُهُ مِنْكَ.

وَقَدْ قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: ((إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُصَادِقَ صَدِيقًا فَأَغْضِبْهُ، فَإِنْ رَأَيْتَهُ كَمَا يَنْبَغِي فَصَادِقْهُ)).

وَهَذَا الْيَوْمَ مُخَاطَرَةٌ؛ لِأَنَّكَ إِذَا أَغْضَبْتَ أَحَدًا صَارَ عَدُوًّا فِي الْحَالِ!!

وَالسَّبَبُ فِي نَسْخِ حُكْمِ الصَّفَا، أَنَّ السَّلَفَ كَانَتْ هِمَّتَهُمُ الْآخِرَةُ وَحْدَهَا، فَصَفَتْ نِيَّاتُهُمْ فِي الْأُخُوَّةِ وَالْمُخَالَطَةِ، فَكَانَتْ دِينًا لَا دُنْيَا.

وَالْآنَ فَقَدِ اسْتَوْلَى حُبُّ الدُّنْيَا عَلَى الْقُلُوبِ؛ فَإِنْ رَأَيْتَ مُتَمَلِّقًا فِي بَابِ الدِّينِ فَاخْبُرْهُ تَقْلِهِ -أَيِ اخْتَبِرْ حَقِيقَتَهُ تُبْغِضْهُ-)).

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


هَلْ رَأَى النَّبِيُّ ﷺ رَبَّهُ
ألا تشعر بأنك تُعاقب بالنظر إلى الحرام
قلب يحترق يتمزق ينزف دما على ذل المسلمين
قد رَأَيْنَا مَا صنَعَ بِنا الإِسلاَمِيُّونَ لمَّا دَخَلُوا فِي السِّياسَة
المؤامرة القذرة على المملكة المغربية
قَاعِدَةٌ ذَهَبِيَّةٌ وَضَعَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْأَزْوَاجِ فِي مُعَامَلَةِ زَوْجَاتِهِمْ
((أَعْمَالٌ تُعِينُ الْإِنْسَانَ عَلَى تَرْكِ الْمَعَاصِي)) للشَّيْخِ الْعَلَّامَة: ابْن عُثَيْمِين -رَحِمَهُ اللهُ-.
حكم الاحتفال بالمولد النبوي شبهات وردود
تكبيرة الاحرام وصفتها __ كيفية وضع اليدين على الصدر __ النظر إلى موضع السجود
نعمة الزواج
لا تكونوا عُجُلاً مذاييع بُذُرًا
إِيِ وَاللَّهِ، لَوْ كَانَ لِلذُّنُوبِ رِيحٌ؛ مَا قَدَرَ أَحَدٌ أَنْ يَجْلِسَ إِلَيَّ، وَلَكِنَّهُ السَّتْر، فَاللَّهُمَّ أَدِمْ عَلَيْنَا سَتْرَكَ وَعَافِيَتَكَ
أين دُفن هؤلاء الصحابة -رضي الله عنهم-
الرد المفحم على من يقول لماذا كذا وما الحكمة من كذا
أراد أن يمثل القرآن بحركات فكيف كان الجواب؟!
  • شارك