تفريغ مقطع : العينُ حَقٌّ- للشيخ سليمان الرحيلي

العينُ حَقٌّ- للشيخ سليمان الرحيلي -حفظه الله-

أُحِبُّ أَنْ أُنَبِّهَ الإِخْوَة إِلَى أَدَبٍ يَنْبَغِي أَنْ نَتَأَدَّبَ بِهِ، وَذَلِكَ أَيُّهَا الإِخْوَة أَنَّ العَيْنَ حَقٌّ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, وَأَنَّهَا تُورِدُ الجَمَلَ القِدْرَ، وَالعَيْنُ لهَا أَثَرُهَا الكَبِير، وَالعَيْنُ كَمَا قَالَ العُلَمَاءُ نَوْعَان: عَيْنٌ حَاسِدَةٌ, وَعَيْنٌ مُعْجَبَةٌ.

- فَقَدْ تَكُونُ إِصَابَةُ العَيْنِ نَتِيجَةَ الحَسَد, وَلِذَلِكَ فِي حَدِيثِ الرُّقْيَةِ يَقُولُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ, ومِنْ شَرِّ كُلِّ عَيْنِ حَاسِدٍ اللَّهُ يَشْفِيكَ, بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ)) -أَوْ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

فَقَالَ: ((ومِنْ شَرِّ عَيْنِ كُلِّ حَاسِدٍ)), وَفِي رِوَايَةٍ: ((ومِنْ شَرِّ عَيْنٍ حَاسِدَةٍ أَرْقِيكَ)), فَقَدْ تَكُونُ العَيْنُ حَاسِدَة, لِكِنَّهُ لَيْسَ لَازِمًا.

- فَقَدْ تَكُونُ العَيْنُ مُعْجَبَة لَيْسَت حَاسِدَة، وَلِذَلِكَ شُرِعَ لَنَا أَيُّهَا الإِخْوَة إِذَا رَأَيْنَا مَا يُعْجِبُنَا أَنْ نُبَرِّكَ, فَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ((إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَخِيهِ أَوْ نَفِسِهِ أَوْ مَالِهِ مَا يُعْجِبُهُ؛ فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ فَإِنَّ العَيْنَ حَقٌّ)).

فَمَنْ رَأَى مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا يُعْجِبُهُ؛ رَأَى أَنَّهُ يَحْفَظُ بِسُرْعَةٍ؛ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بَارِك، فَإِنَّ الإِنْسَانَ قَدْ يُصِيبُ نَفْسَهُ بِالعَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ هَذَا الحَدِيث.

إِذَا رَأَى مِنْ وَلَدِهِ شَيْئًا يُعْجِبُهُ؛ رَأَى الوَلَدَ نَجِيبًا مَا شَاءَ اللَّه, حَرِيصًا عَلَى تَحْفِيظِ القُرْآنِ؛ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بَارِك.

إِذَا رَأَى مِنْ أَخِيهِ، إِذَا رَأَى مِنْ خَطِيبِ الجُمْعَة، إِذَا رَأَى مِنْ شَيْخِهِ، إِذَا رَأَى مِنْ أَخِيهِ شَيْئًا يُعْجِبُهُ؛ فَلْيُبَرِّك فَإِنَّ العَيْنَ حَقٌّ.

فَهَذَا أَدَبٌ فَقَدَهُ بَعْضُ النَّاسِ فِي زَمَانِنَا هَذَا، فَلَرُبَّمَا رَأَى مِنْ أَخِيهِ شَيْئًا يُعْجِبُهُ فَلَمْ يُبَرِّكْ عَلَيْهِ؛ فَأَضَرَّ أَخَاهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، بَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: لَا أَبَدًا أَعُوذُ بِاللَّهِ هَلْ أَنَا حَاسِدٌ حَتَّى أُبَرِّكَ!!

نَقُولُ: لَا؛ فَإِنَّكَ قَدْ تَضُرُّ بِعَيْنِكَ وَأَنْتَ مُعْجَبٌ، بَلْ وَأَنْتَ مُحِبٌّ، كَمَا تُحِبُّ نَفْسَكَ وَتُحِبُّ وَلَدَكَ، وَقَدْ تُحِبُّ شَيْخَكَ، فَمِنَ الأَدَبِ التَّبْرِيك, وَالعَيْنُ لَهَا أَثَرٌ عَظِيمٌ, وَقَدْ تَتَسَبَّبُ فِي شَرٍّ وَمَنْعِ خَيْرٍ, فَيَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نَتَأَدَّبَ بِهَذَا الأَدَبِ.

أَقُولُ هَذَا يَا إِخْوَة وَأَنَا أَعْرِفُ هَذَا وَأَرَاهُ، وَأَذْكُرُ لَكُمْ مِنْ بَابِ أَنْ نَنْتَبِهَ:

قَبْلَ سِنِينَ طَوِيلَة -قَبْلَ أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةَ وَعِشْرِينَ سَنَة- كُنْتُ أَلْقِي المُحَاضَرَاتِ ارْتِجَالًا, ثُمَّ أُصِبْتُ -فِيمَا يَظْهَر لِي- بِعَيْنٍ؛ فَأَصْبَحْتُ لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَسْتَحْضِرَ شَيْئًا -يَعْنِي: أَعْرِفُ مَا أُرِيدُ أَنْ أَقُولَهُ, فَإِذَا جَلَسْتُ عَلَى الكُرْسِيِّ نَسِيتُ-, حَتَّى أَنِّي مَرَّة أَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ الفَاتِحَةَ فَمَا اسْتَطَعْتُ!!

وَعَالَجْنَاهَا وَالحَمْدُ للَّهِ بِالرُّقْيَةِ حَتَّى ذَهَبَ شَرُّهَا، لَكِنْ يَا إِخْوَة انْظُرُوا هَذَا الأَمْرَ مَا يُسَبِّبُ مِنْ شَرٍّ وَيَمْنَعُ مِنْ خَيْرٍ.

اليَوْم فِي خُطْبَةِ الجُمْعَة لمَّا صَعِدْتُ عَلَى المِنْبَرِ وَكُنْتُ فِي أَحْسَنِ حَالَاتِي مِنْ حَيْثُ الصِّحْة، ما إِنْ سَلَّمْتُ عَلَى النَّاسِ حَتَّى أُصِبْتُ بِأَلَمٍ شَدِيدٍ فِي حَلْقِي, وَتَشَوَّشَ ذِهْنِي تَمَامًا, وَتَعَرَّقْتُ عَرَقًا كَأَنِّي مَحْمُومٌ، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّي أَنَّهَا عَيْنٌ، وَيَغْلُبُ عَلَى ظَنِّي أَنَّهَا إِعْجَابٌ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ لِحُسْنِ ظَنِّهِ بِأَخِيهِ, فَكُنْتُ أَسْكُتُ قَلِيلًا وَأَقْرَأُ عَلَى نَفْسِي حَتَّى ذَهَبَ شَرُّهَا وَالحَمْدُ للَّهِ-.

فَلِمَاذَا أَقُولُ هَذَا يَا إِخْوَة؟

أَقُولُهُ لِيَعْلَمَ الإِنْسَان أَنَّ ضَرَرَ العَيْنِ مُتَعَدٍّ, وَأَنَّهُ قَدْ يَتَسَبَّبُ فِي شَرٍّ, وَقَدْ يَتَسَبَّبُ فِي مَنْعِ خَيْرٍ، بَلْ قَدْ يَتَسَبَّبُ فِي قَتْلِ المُسْلِم!! فَمَا الَّذِي يَحْمِينَا مِنْ هَذَا؟

أَنْ نُبَرِّكَ إِذَا رَأَيْنَا مَا يُعْجِبُنَا؛ فَنَقُولُ: اللَّهُمَّ بَارِك.

وَإِنْ قُلْنَا: مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ, اللَّهُمَّ بَارِكَ؛ فَحَسَنٌ.

هَذَا أَقُولُهُ مِنْ بَاب حُبِّي لِلْخَيْرِ لِنَفْسِي وَلِإِخْوَانِي المُؤْمِنِين.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


إنما يطول الليل علي المستهين المستهتر
كيـــف تعامـــل السلــف مـــع ظلــم الحكــام وجورهـــم؟؟
حقيقة العلاج بالقرآن
دِينُ اللَّهِ؛ تَعَلَّمُوهُ, وَاصْرِفُوا فِيهِ الأَعمَارَ, وَأَفنُوا فِيهِ الأَوقَات, فَإِنَّ الأَمْرَ كَبِيرٌ
حكم قول علي كرّم الله وجهه
((2))...((هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ))
هو الرحمن الرحيم ((7))
المعنى الصحيح للآية: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}
إِنَّ الْعِلْمَ الَّذِي أَحْمِلُهُ يَسْتَطِيعُ كُلُّ أَحَدٍ أَنْ يَحْمِلَهُ؛ وَلَكِنَّ الْقَلْبَ الَّذِي أَحْمِلُهُ لَيْسَ لِغَيْرِي أَنْ يَحْمِلَهُ
عدة الشهور عند الله وعبث الجاهليين بالتقويم
امْرَأَةٌ لَا تُصَلِّي فَهِيَ مَلْعُونَة ... تُؤْوِي فِي بَيْتِكَ مَلْعُونَة!!
الشيعة يرمون أم المؤمنين عائشة بالفاحشة!!
عليكَ أن تَتَحمَّلَ أذاها
التحليل السياسي الفكري
قتل وإبادة أهل السنة فى كتب الشيعة الروافض
  • شارك