تفريغ مقطع : الرَّدُّ عَلَى شُبْهَةِ الْمَلَاحِدَةِ: أَنَّ الْكَوْنَ أَوْجَدَ نَفْسَهُ- الشَّيْخُ الْعَلَّامَة: مُحَمَّد بْنُ صَالِح الْعُثَيْمِين -رَحِمَهُ اللهُ-

((الرَّدُّ عَلَى بَعْضِ شُبُهَاتِ الْمَلَاحِدَةِ))

-الرَّدُّ عَلَى شُبْهَةِ الْمَلَاحِدَةِ: أَنَّ الْكَوْنَ أَوْجَدَ نَفْسَهُ-

الشَّيْخُ الْعَلَّامَة: مُحَمَّد بْنُ صَالِح الْعُثَيْمِين -رَحِمَهُ اللهُ-

هَذَا السَّائِلُ أَرْسَلَ بِهَذَا السُّؤَالِ فَضِيلَة الشَّيْخِ، لَمْ يَذْكُرِ الِاسْمِ فِي هَذِهِ الرِّسَالَةِ، يَقُولُ:

تَعْلَمُونَ -وَفَّقَكُمُ اللهُ- أَنَّ الْمَلَاحِدَةَ مُنْذُ زَمَنٍ قَدِيمٍ وَهُمْ يَبُثُّونَ شُبُهَاتِهِمْ حَوْلَ الْإِسْلَامِ، وَيَدْعُونَ لِأَفْكَارِهِمُ الْفَاسِدَةِ، وَمِنْ تِلْكَ الْأَفْكَارِ: أَنَّ الْكَوْنَ أَوْجَدَ نَفْسَهُ، ثُمَّ مَا زَالَ يَتَطَوَّرُ حَتَّى كَانَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ الْآنَ!! وَاسْتَدَلُّوا عَلَى هَذَا بِالْمِيكْرُوبَاتِ وَالطُّفَيْلِيَاتِ الَّتِي تَتَكَوَّنُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُتَعَفِّنَةِ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ لَهَا، فَبِمَاذَا نَرُدُّ عَلَى هَذِهِ الطَّائِفَةِ لِدَحْضِ حُجَّتِهِمُ الزَّائِفَةِ وَشُبُهَاتِهِمُ الْبَاطِلَةِ -جَزَاكُمُ اللهُ خَيْرًا-؟

الشَّيْخُ -رَحِمَهُ اللهُ-: ((نَرُدُّ عَلَى هَؤُلَاءِ بِمَا ذَكَرَهُ اللهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الطُّورِ: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ (36)} [الطور: 35-36].

فَنَسْأَلُهُمْ أَوَّلًا: هَلْ هُمْ مَوْجُودُونَ بَعْدَ الْعَدَمِ، أَوْ مَوْجُودُونَ فِي الْأَزَلِ وَإِلَى الْأَبَدِ؟

وَالْجَوَابُ بِلَا شَكٍّ أَنْ يَقُولُوا: نَحْنُ مَوْجُودُونَ بَعْدَ الْعَدَمِ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: {هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا} [الإنسان: 1].

فَإِذَا قَالُوا: نَحْنُ مَوْجُودُونَ مِنَ الْعَدَمِ.

قُلْنَا: مَنْ أَوْجَدَكُمْ؟

أَوْجَدَكُمْ أَبُوكُمْ، أَمُّكُمْ، وُجِدْتُمْ هَكَذَا بِلَا مُوجِدٍ؟!!

سَيَقُولُونَ: لَمْ يُوجِدْنَا أَبُونَا وَلَا أُمُّنَا؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: {أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ (58) أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (59) نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (61)} [الواقعة: 58-61].

إِذَا قَالُوا: وُجِدْنَا مِنْ غَيْرِ مُوجِدٍ.

نَقُولُ: هَذَا مُسْتَحِيلٌ فِي الْعَقْلِ؛ لِأَنَّهُ مَا مِنْ حَادِثٍ إِلَّا وَلَهُ مُحْدِثٌ.

وَحِينَئِذٍ يَتَعَيِّنُ أَنْ يَكُونَ الْحَادِثُ حُدُوثُهُ بِمُحْدِثٍ، وَهُوَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- الْوَاجِبُ الْوُجُودِ.

وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ:

نَقُولُ: مَنْ أَوْجَدَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ؟

هُوَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، لَكِنْ كَانَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ كَانَتْ مَاءً تَحْتَ الْعَرْشِ، كَمَا قَالَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: 7].

فَخَلَقَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْ هَذَا الْمَاءِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا}: أَيْ: فَصَلْنَا مَا بَيْنَهُمَا {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: 30].

فَهَذَا جَوَابُنَا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةِ، فَإِنْ أَبَوْا إِلَّا مَا كَانُوا عَلَيْهِ؛ فَهُمْ مُكَابِرُونَ، وَيَحِقُّ عَلَيْهِمْ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى لِآلِ فِرْعَوْنَ: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14])).

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  • شارك