تفريغ مقطع : أَحْيَاكَ اللهُ كَما أحْيَيْتَنِي- العلامة محمد سعيد رسلان

((أَحْيَاكَ اللهُ كَما أحْيَيْتَنِي))

جَلَسَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- وَفُضْيَلُ بْنُ عِيَاضٍ -رَحِمَهُ اللهُ-، وَكَانَ لَهُ مَوَاخِيًا، فَجَلَسَا مَعًا، فَتَذَاكَرَا، فَبَكَيَا، فَقَالَ سُفْيَانُ: ((إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَجْلِسُ أَكْثَرَ مَجَالِسِنَا بَرَكَةً عِنْدَ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- )).

فَقَالَ لَهُ فُضَيْلٌ: ((إِنِّي لَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَجْلِسُ أَشَدَّ الْمَجَالِسِ عَلَيْنَا شُؤْمًا عِنْدَ اللهِ تَعَالَى!!)).

قَالَ: ((كَيْفَ؟!!)).

تَذَاكَرَا؛ فَرَقَّتِ الْقُلُوبُ، فَبَكَيَا، وَاسْتَعْبَرَا، فَقَالَ سُفْيَانُ مَا قَالَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ فُضيلٌ بِمَا رَدَّ.

فَقَالَ سُفْيَانُ -رَحِمَهُ اللهُ-: ((كَيْفَ هَذَا؟!!)).

قَالَ: ((أَلَسْتَ قَدْ جَلَسْتَ إِلَيَّ، فَتَزَيَّنْتَ لِي مُحَدِّثًا إِيَّايَ بِأَحْسَنِ الَّذِي لَدَيْكَ، وَتَزَيَّنْتُ لَكَ؛ فَحَدَّثْتُكَ بِأَحْسَنِ مَا عِنْدِي، فَعَبَدْتَنِي وَعَبَدْتُكَ؟!!)).

فَقَالَ: ((أَحْيَاكَ اللهُ كَمَا أَحْيَيْتَنِي)).

يَجْلِسُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ يُحَدِّثُهُ، فَيُزَيِّنُ لَهُ كَلَامَهُ، وَيَعْرِضُ عَلَيْهِ أَحْسَنَ مَا عِنْدَهُ، وَالْآخَرُ كَذَلِكَ.

يَقُولُ: ((فَعَبَدْتَنِي وَعَبَدْتُكَ!!))؛ يَعْنِي: لَمْ تُرِدْ بِعَمَلِكَ وَجْهَ اللهِ، وَإِنَّمَا تَزيَّنْتَ لِي بِقَوْلِكَ، وَكَأَنَّمَا كُنْتَ لِي عَابِدًا، وَلَا يَقْصِدُ حَقِيقَةَ الْعِبَادَةِ عَلَى النَّحْوِ الْمَعْرُوفِ الْمَعْهُودِ اصْطِلَاحًا.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  • شارك