تفريغ مقطع : ((6)) هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ...

 ((6)) هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ...

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- فيما أَخرجهُ الشيخان في ((صحيحيهما))؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لمَّا قضى اللهُ الخَلْقَ كَتَبَ في كتابهِ، فهو عنده فوق عرشهِ: إنَّ رَحمتي غَلَبت غَضبي)).

وفي كونهِ عنده سبحانهُ- زيادةُ تشريفٍ و تكريمٍ و تعظيمٍ وتَفخيم، فبرحمتهِ أرسل إلينا رسولَهُ -صلى الله عليه وآله وسلم-، وأنزلَ علينا كتابَهُ، وعلَّمَنا مِن الجَهَالة، وهدانا مِن الضَّلالة، وبصَّرَنَا مِن العَمَى، وأرشدَنا مِن الغَيِّ، فشَرْعُهُ وأَمْرُهُ نَزَلَ بالرحمةِ واشتملَ على الرحمة، وأوصلَ إلى الرحمةِ الأبديةِ والسعادةِ السَّرمدية.

فبنِعمتهِ على عبادهِ: بإرسالِ رُسُلِهِ إليهم، وإنزالِ كُتُبِهِ عليهم، وتعريفِهم أمرَهُ ونَهْيَهُ، وما يُحبهُ و ما يُبغضُهُ؛ أعظمُ النِّعَمِ وأجَلُّها وأعلاها وأفضلَها، بل لا نسبةَ لرحمتِهم بالشمسِ والقمرِ والغَّيثِ و النبات إلى رحمتِهم بالعلمِ والإيمانِ والشرائعِ والحلالِ والحرامِ، وأين هذه مِن تِلك؟!

وبرحمتهِ عرَّفَنا أسمائَهُ وصفاتِهِ، فعَرَفْنَا أسمائَهُ وصفاتهِ وأفعالهِ، عَرَّفَنا ربُّنا -تبارك وتعالى- مِن ذلك ما عَرَفْنَا به رَبَّنَا ومولانا.

وبرحمتهِ علَّمَنَا ما لم نَكُن نَعلم، وأرشدَنا لمصالحِ دينِنا ودُنيانا، وبرحمتهِ تعالى أَدَرَّ علينا النِّعمَ وصَرَفَ عنَّا النِّقم، وبرحمتهِ وُجِدت المخلوقات، وبرحمتهِ حصلَت لها أنواعُ الكمالات، وبرحمتهِ أطلعَ الشمسَ والقمر، وجعلَ الليلَ والنَّهار، وبَسَطَ الأرضَ، وجَعَلَهَا مِهَادًا وفِراشًا، وكِفَاتًا للأحياءِ والأموات،

وبرحمتهِ سَخَّرَ لنا الخَيْلَ والإبلَ والأنعام؛ وذَلَّلَها مُنقادةً للركوبِ والحَمْل والأكلِ والدَّر.

ومِن رحمتهِ ما قاله في مُحكمِ كتابهِ: {وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [الزخرف: 32]؛ أي: رحمةُ اللهِ بخَلْقِهِ خَيْرٌ لهم مما بأيديِهم مِن الأموالِ ومتاعِ الحياةِ الدُّنيا.

ومِنْ رحمتهِ أنَّهُ لا يُؤاخذُنَا بالغفلةِ عن شُكرِ نِعَمِهِ والقصورِ عَن إحصائِها والعجزِ عن القيامِ بأدناها، ومِن رحمتهِ إدامتُها علينا وإدرارُها في كلِّ لحظة وعند كل نَفَسٍ نتنفسُهُ وحركةٌ نتحركها، قال -جل وعلا-: {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النحل: 18].

وما أحسنَ ما ختمَ به هذا الامتنانَ الذي لا يلتبسُ على إنسان؛ بالإشارةِ إلى عظيمِ غُفرانهِ وسَعةِ رحمتهِ: {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النحل: 18]، فما أحسنَ ما ختمَ به هذا الامتنان، الذي لا يلتبسُ على إنسان؛ بالإشارةِ إلى عظيمِ غفرانهِ وسَعةِ رحمتهِ، وما أوقعَ هذا التذييلَ الجليل؛  وهو قولهُ -جلَّ وعلا:   {إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}، بعد امتنانهِ بنِعمهِ على عبادهِ، وهي لا تُعَدُّ ولا تُحْصَى: {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}، ما أوقعَ هذا التذييلَ الجليل وأحبَّهُ إلى قلوبِ العارفيَن بأسرارِ التنزيل.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


كَشْفُ عَقِيدَةِ مَنْ يَسْتَهْدِفُونَ الجَيْشَ وَالشُّرْطَةَ وَالأَقْبَاطَ وَالكَنَائِسَ
الشيعة يرمون أم المؤمنين عائشة بالفاحشة!!
قلب يحترق يتمزق ينزف دما على ذل المسلمين
حكم الاحتفال بالمولد النبوي شبهات وردود
كيف كان يتعامل السلف مع شيوخهم؟
هَلْ تَستَطِيعُ أَنْ تَعْقِدَ الْخِنْصَرَ عَلَى أَخٍ لَكَ فِي اللَّهِ؟ أَيْنَ هُوَ؟!!
هَذِهِ دَعْوَتُنَا... مَا قَارَبْنَا مُبْتَدِعًا وَإِنَّمَا أَنْقَذَ اللَّهُ بِنَا أُنَاسٌ مِنَ البِدْعَة
قد رَأَيْنَا مَا صنَعَ بِنا الإِسلاَمِيُّونَ لمَّا دَخَلُوا فِي السِّياسَة
الدِّفَاعُ بالبُرْهَانِ عَن الشَّيْخِ عَبْدِ الله رَسْلَان
فوائد ذكر الله عز وجل (60 فائدة)
هَلْ عِنْدَ أَحَدٍ صَكٌّ وَبَرَاءَةٌ أَنْ يَمُوتَ مُسْلِمًا؟!
حكم خلع المرأة ثيابها في غير بيتها
هل يلزم لكل يوم نية؟ وما حكم مَن نوى الإفطار ولم يأكل؟ وما هي المشقة التي يجوز من أجلها الفطر؟
التفصيل الرائع لحرمة المظاهرات
قَاعِدَةٌ ذَهَبِيَّةٌ وَضَعَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْأَزْوَاجِ فِي مُعَامَلَةِ زَوْجَاتِهِمْ
  • شارك